كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

ابن عمر تطيب المحرم قبل إحرامه يرحم الله أبا عبد الرحمن طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف على نسائه ثم أصبح محرما قالوا: وإذا طاف على نسائه اغتسل فإنما يبقى عليه أثر ريح الطيب لا جرمه نفسه قالوا: ولما كان الإجماع قد انعقد على أن كل ما لا يجوز للمحرم ابتداؤه وهو محرم مثل لبس الثياب وقتل الصيد لا يجوز له استصحابه وهو محرم فوجب أن يكون الطيب كذلك. فسبب الخلاف تعارض الآثار في هذا الحكم. وأما المتروك الثالث فهو مجامعة النساء. وذلك أنه أجمع المسلمون على أن وطء النساء على الحاج حرام من حين يحرم لقوله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}. وأما الممنوع الرابع وهو إلقاء التفث وإزالة الشعر وقتل القمل ولكن اتفقوا على أنه يجوز له غسل رأسه من الجنابة واختلفوا في كراهية غسله من غير الجنابة فقال الجمهور: لا بأس بغسله رأسه. وقال مالك: بكراهية ذلك وعمدته أن عبد الله بن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الاحتلام. وعمدة الجمهور ما رواه مالك عن عبد الله بن جبير أن ابن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال عبد الله: يغسل المحرم رأسه وقال المسور بن مخرمة: لا يغسل المحرم رأسه قال: فأرسلني عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري قال: فوجدته يغتسل بين القرنين وهو مستتر بثوب فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: عبد الله بن جبير أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم فوضع أبو أيوب يده على الثوب فتطأطأ حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب عليه اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل وكان عمر يغسل رأسه وهو محرم ويقول: ما يزيده الماء إلا شعثا رواه مالك في الموطأ وحمل مالك حديث أبي أيوب على غسل الجنابة والحجة له إجماعهم على أن المحرم ممنوع من قتل القمل ونتف الشعر وإلقاء التفث وهو الوسخ والغاسل رأسه هو إما أن يفعل هذه كلها أو بعضها. واتفقوا على منع غسله رأسه بالخطمي. وقال مالك وأبو حنيفة: إن فعل ذلك افتدى. وقال أبو ثور وغيره: لا شيء عليه. واختلفوا في الحمام فكان مالك يكره

الصفحة 329