كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

علمي أن أبا الشعثاء حدثني وأما من لم يجز لواحد منهما أن يتطهر بفضل صاحبه ولا يشرعان معا فلعله لم يبلغه من الأحاديث إلا حديث الحكم الغفاري وقاس الرجل على المرأة. وأما من نهى عن سؤر المرأة الجنب والحائض فقط فلست أعلم له حجة إلا أنه مروي عن بعض السلف أحسبه عن ابن عمر.
المسألة السادسة : صار أبو حنيفة من بين معظم أصحابه وفقهاء الأمصار إلى إجازة الوضوء بنبيذ التمر في السفر لحديث ابن عباس أن ابن مسعود خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل معك من ماء" ؟ فقال: معي نبيذ في إداوتي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصبب فتوضأ به" , وقال: "شراب وطهور" وحديث أبي رافع مولى ابن عمر عن عبد الله ابن مسعود بمثله وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثمرة طيبة وماء طهور" وزعموا أنه منسوب إلى الصحابة علي وابن عباس وأنه لا مخالف لهم من الصحابة فكان كالإجماع عندهم. ورد أهل الحديث هذا الخبر ولم يقبلوه لضعف رواته ولأنه قد روي من طرق أوثق من هذه الطرق أن ابن مسعود لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن. واحتج الجمهور لرد هذا الحديث بقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} قال فلم يجعل ها هنا وسطا بين الماء والصعيد وبقوله عليه الصلاة والسلام: "الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء إلى عشر حجيج فإذا وجد الماء فليمسه بشرته" ولهم أن يقولوا إن هذا قد أطلق عليه في الحديث اسم الماء والزيادة لا تقتضي نسخا فيعارضها الكتاب لكن هذا مخالف لقولهم إن الزيادة نسخ.
الباب الرابع في نواقض الوضوء
والأصل في هذا الباب قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يقبل الله صلاة

الصفحة 33