كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

ذلك ويرى أن على من دخله الفدية. وقال أبو حنيفة والشافعي والثوري وداود: لا بأس بذلك. وروي عن ابن عباس دخول الحمام وهو محرم من طريقين والأحسن أن يكره دخوله لأن المحرم منهي عن إلقاء التفث. وأما المحظور الخامس فهو الاصطياد وذلك أيضا مجمع عليه لقوله سبحانه وتعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} وقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} وأجمعوا على أنه لا يجوز له صيده ولا أكل ما صاد هو منه واختلفوا إذا صاده حلال هل يجوز للمحرم أكله؟ على ثلاثة أقوال: قول إنه يجوز له أكله على الإطلاق وبه قال أبو حنيفة وهو قول عمر بن الخطاب والزبير. وقال قوم: هو محرم عليه على كل حال وهو قول ابن عباس وعلي وابن عمر وبه قال الثوري. وقال مالك: ما لم يصد من أجل المحرم أو من أجل قوم محرمين فهو حلال وما صيد من أجل المحرم فهو حرام على المحرم. وسبب اختلافهم تعارض الآثار في ذلك فأحدها ما خرجه مالك من حديث أبي قتادة أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانوا ببعض طرق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم فرأى حمارا وحشيا فاستوى على فرسه فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا عليه فسألهم رمحه فأبوا عليه فأخذه ثم شد على الحمار فقتله فأكل منه بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم فلما أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن ذلك فقال: "إنما هي طعمة أطعمكموها الله" وجاء أيضا في معناه حديث طلحة بن عبيد الله ذكره النسائي أن عبد الرحمن التميمي قال: كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن محرمون فأهدي له ظبي وهو راقد فأكل بعضنا فاستيقظ طلحة فوافق على أكله وقال: أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث الثاني حديث ابن عباس خرجه أيضا مالك أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه وقال: "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم" وللاختلاف سبب آخر. وهو هل يتعلق النهي عن الأكل بشرط القتل أو يتعلق بكل واحد منهما النهي عن الانفراد؟ فمن أخذ

الصفحة 330