هم أهل مكة وذي طوى وما كان مثل ذلك من مكة. وقال أبو حنيفة: هم أهل المواقيت فمن دونهم إلى مكة. وقال الشافعي بمصر: من كان بينه وبين مكة ليلتان وهو أكمل المواقيت. وقال أهل الظاهر: من كان ساكن الحرم. وقال الثوري: هم أهل مكة فقط. وأبو حنيفة يقول: إن حاضري المسجد الحرام لا يقع منهم التمتع وكره ذلك مالك. وسبب الاختلاف اختلاف ما يدل عليه اسم حاضري المسجد الحرام بالأقل والأكثر ولذلك لا يشك أن أهل مكة هم من حاضري المسجد الحرام كما لا يشك أن من خارج المواقيت ليس منهم فهذا هو نوع التمتع المشهور ومعنى التمتع أنه تمتع بتحلله بين النسكين وسقوط السفر عنه مرة ثانية إلى النسك الثاني الذي هو الحج وهنا نوعان من التمتع اختلف العلماء فيهما: أحدهما فسخ الحج في عمرة وهو تحويل النية من الإحرام بالحج إلى العمرة فجمهور العلماء يكرهون ذلك في الصدر الأول وفقهاء الأمصار. وذهب ابن عباس إلى جواز ذلك وبه قال أحمد وداود وكلهم متفقون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه عام حج بفسخ الحج في العمرة وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة" وأمره لمن لم يسق الهدي من أصحابه أن يفسخ إهلاله في العمرة وبهذا تمسك أهل الظاهر والجمهور رأوا ذلك من باب الخصوص لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتجوا بما روي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث المدني عن أبيه قال: قلت يا رسول الله أفسخ لنا خاصة أم لمن بعدنا؟ قال: "لنا خاصة" وهذا لم يصح عند أهل الظاهر صحة يعارض بها العمل المتقدم. وروي عن عمر أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج وروي عن عثمان أنه قال: متعة الحج كانت لنا وليست لكم وقال أبو ذر: ما كان لأحد بعدنا أن يحرم بالحج ثم يفسخه في عمرة هذا كله مع ظاهر قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. والظاهرية على أن الأصل اتباع فعل الصحابة حتى يدل دليل من كتاب الله أو سنة ثابتة على أنه خاص. فسبب الاختلاف هل فعل الصحابة محمول على العموم أو على الخصوص.