كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

فقال: "مرها فتغتسل ثم لتهل" والأمر عندهم على الوجوب وعمدة الجمهور أن الأصل هو براءة الذمة حتى يثبت الوجوب بأمر لا مدفع فيه وكان عبد الله بن عمر يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخوله مكة ولوقوفه عشية يوم عرفة ومالك يرى هذه الاغتسالات الثلاث من أفعال المحرم واتفقوا على أن الإحرام لا يكون إلا بنية واختلفوا هل تجزئ النية فيه من غير التلبية؟ فقال مالك والشافعي: تجزئ النية من غير التلبية. وقال أبو حنيفة: التلبية في الحج كالتكبيرة في الإحرام بالصلاة إلا أنه يجزئ عنده كل لفظ يقوم مقام التكبير كما يجزئ عنده في افتتاح الصلاة كل لفظ يقوم مقام التكبير وهو كل ما يدل على التعظيم. واتفق العلماء على أن لفظ تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" وهي من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أصح سندا. واختلفوا في هل هي واجبة بهذا اللفظ أم لا؟ فقال أهل الظاهر: هي واجبة بهذا اللفظ ولا خلاف عند الجمهور في استحباب هذا اللفظ وإنما اختلفوا في الزيادة عليه أو في تبديله وأوجب أهل الظاهر رفع الصوت بالتلبية وهو مستحب عند الجمهور لما رواه مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية وبالإهلال" وأجمع أهل العلم على أن تلبية المرأة فيما حكاه أبو عمر هو أن تسمع نفسها بالقول. وقال مالك: لا يرفع المحرم صوته في مساجد الجماعة بل يكفيه أن يسمع من يليه إلا في المسجد الحرام ومسجد منى فإنه يرفع صوته فيهما. واستجب الجمهور رفع الصوت عند التقاء الرفاق وعند الإطلال على شرف من الأرض. وقال أبو حازم: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغون الروحاء حتى تبح حلوقهم. وكان مالك لا يرى التلبية من أركان الحج ويرى على تاركها دما وكان غيره يراها من أركانه. وحجة من رآها واجبة أن أفعاله صلى الله عليه وسلم إذا أتت بيانا لواجب أنها محمولة على الوجوب حتى يدل الدليل على غير

الصفحة 337