كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

يجزيه وعليه دم وبه قال أبو حنيفة وابن القاسم. وقال آخرون: لا يجزيه وهو قول الثوري وأشهب.
وأما متى يقطع المحرم التلبية فإنهم اختلفوا في ذلك فروى مالك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقطع التلبية إذا زاغت الشمس من يوم عرفة. وقال مالك: وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا. وقال ابن شهاب كانت الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يقطعون التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة. قال أبو عمر بن عبد البر: واختلف في ذلك عن عثمان وعائشة. وقال جمهور فقهاء الأمصار وأهل الحديث وأبو حنيفة والشافعي والثوري وأحمد وإسحق وأبو ثور وداود وابن أبي ليلى وأبو عبيد والطبري والحسن بن حيي: إن المحرم لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة إلا أنهم اختلفوا متى يقطعها فقال قوم: إذا رماها بأسرها لما روي عن ابن عباس أن الفضل بن عباس كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لبى حتى رمى جمرة العقبة وقطع التلبية في آخر حصاة وقال قوم: بل يقطعها في أول جمرة يلقيها روي ذلك عن ابن مسعود. وروي في وقت قطع التلبية هذه أقاويل غير هذه إلا أن هذين القولين هما المشهوران. واختلفوا في وقت قطع التلبية بالعمرة فقال مالك: يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي إذا افتتح الطواف وسلف مالك في ذلك ابن عمر وعروة وعمدة الشافعي أن التلبية معناها إجابة إلى الطواف بالبيت فلا تنقطع حتى يشرع في العمل. وسبب الخلاف معارضة القياس لفعل بعض الصحابة وجمهور العلماء كما قلنا متفقون على إدخال المحرم الحج على العمرة ويختلفون في إدخال العمرة على الحج. وقال أبو ثور: لا يدخل حج على عمرة ولا عمرة على حج كما لا تدخل صلاة على صلاة فهذه هي أفعال المحرم بما هو محرم وهو أول أفعال الحج. وأما الفعل الذي بعد هذا فهو الطواف عند دخول مكة فلنقل في الطواف:

الصفحة 339