وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قالوا: إن معناه أن لا يطوف وهي قراءة ابن مسعود وكما قال سبحانه: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} معناه أي لئلا تضلوا وضعفوا حديث ابن المؤمل. وقالت عائشة: الآية على ظاهرها وإنما نزلت في الأنصار تحرجوا أن يسعوا بين الصفا والمروة على ما كانوا يسعون عليه في الجاهلية لأنه كان موضع ذبائح المشركين وقد قيل إنهم كانوا لا يسعون بين الصفا والمروة تعظيما لبعض الأصنام فسألوا عن ذلك فنزلت هذه الآية مبيحة لهم وإنما صار الجمهور إلى أنها من أفعال الحج لأنها صفة فعله صلى الله عليه وسلم تواترت بذلك الآثار أعني وصل السعي بالطواف.
القول في صفته
وأما صفته فإن جمهور العلماء على أن من سنة السعي بين الصفا والمروة أن ينحدر الراقي على الصفا بعد الفراغ من الدعاء فيمشي على جبلته حتى يبلغ بطن المسيل فيرمل فيه حتى يقطعه إلى ما يلي المروة فإذا قطع ذلك وجاوزه مشى على سجيته حتى يأتي المروة فيرقى عليها حتى يبدو له البيت ثم يقول عليها نحوا مما قاله من الدعاء والتكبير على الصفا وإن وقف أسفل المروة أجزأه عند جميعهم ثم ينزل عن المروة فيمشي على سجيته حتى ينتهي إلى بطن المسيل فإذا انتهى إليه رمل حتى يقطعه إلى الجانب الذي يلي الصفا يفعل ذلك سبع مرات يبدأ في كل ذلك بالصفا ويختم بالمروة فإن بدأ بالمروة قبل الصفا ألغي ذلك الشوط لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نبدأ بما بدأ الله به: نبدأ بالصفا" يريد قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} وقال عطاء إن جهل فبدأ بالمروة أجزأ عنه. وأجمعوا على أنه ليس في وقت السعي قول محدود فإنه موضع دعاء. وثبت من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ويقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك.