كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

وقال الشافعي: لا بأس به وإن كان المستحب هو بعد طلوع الشمس فحجة من منع ذلك فعله صلى الله عليه وسلم مع قوله: "خذوا عني مناسككم" وما روي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله وقال: "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس" . وعمدة من جوز رميها قبل الفجر حديث أم سلمة خرجه أبو داود وغيره وهو أن عائشة قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة يوم النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ومضت فأفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها وحديث أسماء أنها رمت الجمرة بليل وقالت: إنا كنا نصنعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمع العلماء أن الوقت المستحب لرمي جمرة العقبة هو من لدن طلوع الشمس إلى وقت الزوال وأنه إن رماها قبل غروب الشمس من يوم النحر أجزأ عنه ولا شيء عليه إلا مالكا فإنه قال: استحب له أن يريق دما. واختلفوا فيمن لم يرمها حتى غابت الشمس فرماها من الليل أو من الغد. فقال مالك: عليه دم. وقال أبو حنيفة: إن رمى من الليل فلا شيء عليه وإن أخرها إلى الغد فعليه دم. وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: لا شيء عليه إن أخرها إلى الليل أو إلى الغد وحجتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الإبل في مثل ذلك: أعني أن يرموا ليلا وفي حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له السائل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رميت بعد ما أمسيت قال له: "لا حرج" وعمدة مالك أن ذلك الوقت المتفق عليه الذي رمى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السنة ومن خالف سنة من سنن الحج فعليه دم على ما روي عن ابن عباس وأخذ به الجمهور. وقال مالك: ومعنى الرخصة للرعاة إنما ذلك إذا مضى يوم النحر ورموا جمرة العقبة ثم كان اليوم الثالث وهو أول أيام النفر فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرموا في ذلك اليوم له ولليوم الذي بعده فإن نفروا فقد فرغوا وإن أقاموا إلى الغد رموا بعد الناس يوم النفر الأخير ونفروا ومعنى الرخصة للرعاة عند جماعة العلماء هو جمع يومين في يوم واحد إلا أن مالكا إنما يجمع عنده ما وجب مثل أن يجمع في الثالث فيرمي

الصفحة 351