كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

عن الثاني والثالث لأنه لا يقضى عنده إلا ما وجب ورخص كثير من العلماء في جمع يومين في يوم سواء تقدم ذلك اليوم الذي أضيف إلى غيره أو تأخر ولم يشبهوه بالقضاء وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى في حجته الجمرة يوم النحر ثم نحر بدنه ثم حلق رأسه ثم طاف طواف الإفاضة وأجمع العلماء على أن هذا سنة الحج. واختلفوا فيمن قدم من هذه ما أخره النبي عليه الصلاة والسلام أو بالعكس فقال مالك: من حلق قبل أن يرمي جمرة العقبة فعليه الفدية. وقال الشافعي وأحمد وداود وأبو ثور: لا شيء عليه. وعمدتهم ما رواه مالك من حديث عبد الله بن عمر أنه قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس بمنى والناس يسألونه فجاء رجل فقال: يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر فقال عليه الصلاة والسلام: "انحر ولا حرج" ثم جاءه آخر فقال: يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال عليه الصلاة والسلام: "ارم ولا حرج" قال: فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عن شيء؟ قدم أو أخر إلا قال: "افعل ولا حرج" وروى هذا من طريق ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعمدة مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم على من حلق قبل محله من ضرورة بالفدية فكيف من غير ضرورة مع أن الحديث لم يذكر فيه حلق الرأس قبل رمي الجمار وعند مالك أن من حلق قبل أن يذبح فلا شيء عليه وكذلك من ذبح قبل أن يرمي. وقال أبو حنيفة: إن حلق قبل أن ينحر أو يرمي فعليه دم. وإن كان قارنا فعليه دمان. وقال زفر: عليه ثلاثة دماء دم القران ودمان للحلق قبل النحر وقبل الرمي. وأجمعوا على أن من نحر قبل أن يرمي فلا شيء عليه لأنه منصوص عليه إلا ما روي عن ابن عباس أنه كان يقول من قدم من حجه شيئا أو أخر فليهرق دما وأنه من قدم الإفاضة قبل الرمي والحلق أنه يلزمه إعادة الطواف. وقال الشافعي ومن تابعه: لا إعادة عليه. وقال الأوزاعي: إذا طاف للإفاضة قبل أن يرمي جمرة العقبة ثم واقع أهله أراق دما. واتفقوا على أن جملة ما يرميه الحاج سبعون حصاة منها في يوم النحر جمرة العقبة بسبع وأن رمي هذه الجمرة من حيث تيسر من العقبة من أسفلها

الصفحة 352