كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

أو من أعلاها أو من وسطها كل ذلك واسع والموضع المختار منها بطن الوادي لما جاء في حديث ابن مسعود أنه استبطن الوادي ثم قال: من هاهنا والذي لا إله غيره رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يرمي. وأجمعوا على أنه يعيد الرمي إذا لم تقع الحصاة في العقبة وأنه يرمي في كل يوم من أيام التشريق ثلاث جمار بواحد وعشرين حصاة كل جمرة منها بسبع وأنه يجوز أن يرمي منها يومين وينفر في الثالث لقوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} وقدرها عندهم أن يكون في مثل حصى الخذف لما روي من حديث جابر وابن عباس وغيرهم أن النبي عليه الصلاة والسلام رمى الجمار بمثل حصى الخذف والسنة عندهم في رمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق أن يرمي الجمرة الأولى فيقف عندها ويدعو وكذلك الثانية ويطيل المقام ثم يرمي الثالثة ولا يقف لما روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك في رميه والتكبير عندهم عند رمي كل جمرة حسن لأنه يروى عنه عليه الصلاة والسلام. وأجمعوا على أن من سنة رمي الجمار الثلاث في أيام التشريق أن يكون ذلك بعد الزوال. واختلفوا إذا رماها قبل الزوال في أيام التشريق فقال جمهور العلماء: من رماها قبل الزوال أعاد رميها بعد الزوال. وروي عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها. وأجمعوا على أن من لم يرم الجمار أيام التشريق حتى تغيب الشمس من آخرها أنه لا يرميها بعد. واختلفوا في الواجب من الكفارة فقال مالك: إن من ترك رمي الجمار كلها أو بعضها أو واحدة منها فعليه دم وقال أبو حنيفة: إن ترك كلها كان عليه دم وإن ترك جمرة واحدة فصاعدا كان عليه لكل جمرة إطعام مسكين نصف صاع حنطة إلى أن يبلغ دما بترك الجميع إلا جمرة العقبة فمن تركها فعليه دم. وقال الشافعي: عليه في الحصاة مد من طعام وفي حصاتين مدان وفي ثلاث دم. وقال الثوري مثله إلا أنه قال في الرابعة الدم. ورخصت طائفة من التابعين في الحصاة الواحدة ولم يروا فيها شيئا والحجة لهم حديث سعد بن أبي وقاص قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته فبعضنا يقول: رميت بسبع وبعضنا يقول: رميت بست فلم يعب بعضنا على بعض وقال أهل الظاهر: لا شيء في ذلك

الصفحة 353