والجمهور على أن جمرة العقبة ليست من أركان الحج. وقال عبد الملك من أصحاب مالك: هي من أركان الحج. فهذه هي جملة أفعال الحج من حين الإحرام إلى أن يحل والتحلل تحللان: تحلل أكبر وهو طواف الإفاضة وتحلل أصغر وهو رمي جمرة العقبة وسنذكر ما في هذا من الاختلاف.
الجنس الثالث
مدخل
...
القول في الجنس الثالث
وهو الذي يتضمن القول في الأحكام وقد نفى القول في حكم الاختلافات التي تقع في الحج وأعظمها في حكم من شرع في الحج فمنعه بمرض أو بعدو أو فاته وقت الفعل الذي هو شرط في صحة الحج أو أفسد حجه بإتيانه بعض المحظورات المفسدة للحج أو للأفعال التي هي تروك أو أفعال فلنبتدئ من هذه بما هو نص في الشريعة وهو حكم المحصر وحكم قاتل الصيد وحكم الحالق رأسه قبل محل الحلق وإلقائه التفث قبل أن يحل وقد يدخل في هذا الباب حكم المتمتع وحكم القارن على القول بأن وجوب الهدي في هذه هو لمكان الرخصة.
القول في الإحصار
وأما الإحصار فالأصل فيه قوله سبحانه: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} إلى قوله: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فنقول: اختلف العلماء في هذه الآية اختلافا كثيرا وهو السبب في اختلافهم في حكم المحصر بمرض أو بعدو فأول اختلافهم في هذه الآية هل المحصر هاهنا هو المحصر بالعدو أو المحصر بالمرض؟ فقال قوم: المحصر هاهنا هو المحصر بالعدو وقال آخرون: بل المحصر هاهنا هو المحصر بالمرض. فأما من قال إن المحصر هاهنا هو المحصر بالعدو فاحتجوا بقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ} قالوا: فلو كان المحصر هو المحصر بمرض لما كان لذكر المرض بعد ذلك فائدة واحتجوا أيضا بقوله سبحانه: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} وهذه حجة ظاهرة ومن قال: إن الآية إنما وردت في المحصر بالمرض فإنه زعم أن المحصر هو من أحصر ولا يقال أحصر في العدو وإنما يقال حصره