كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

سبب الاختلاف أن المثل يقال على الذي هو مثل وعلى الذي هو مثل في القيمة لكن حجة من رأى أن الشبيه أقوى من جهة دلالة اللفظ أن انطلاق لفظ المثل على الشبيه في لسان العرب أظهر وأظهر منه على المثل في القيمة لكن لمن حمل هاهنا المثل على القيمة دلائل حركته إلى اعتقاد ذلك: أحدها أن المثل الذي هو العدل هو منصوص عليه في الإطعام والصيام وأيضا فإن المثل إذا حمل هاهنا على التعديل كان عاما في جميع الصيد فإن من الصيد ما لا يلقى له شبيه وأيضا فإن المثل فيما لا يوجد له شبيه هو التعديل وليس يوجد للحيوان المصيد في الحقيقة شبيه إلا من جنسه وقد نص أن المثل الواجب فيه هو جنسه فوجب أن يكون مثله في التعديل والقيمة وأيضا فإن الحكم في الشبيه قد فرغ منه. فأما الحكم بالتعديل فهو شيء يختلف باختلاف الأوقات ولذلك هو كل وقت يحتاج إلى الحكمين المنصوص عليهما وعلى هذا يأتي التقدير في الآية بمشابه فكأنه قال: ومن قتله منكم متعمدا فعليه قيمة ما قتل من النعم أو عدل القيمة طعاما أو عدل ذلك صياما. وأما اختلافهم هل المقدر هو الصيد أو مثله من النعم إذا قدر بالطعام فمن قال المقدر هو الصيد قال: لأنه الذي لما لم يوجد مثله رجع إلى تقديره بالطعام ومن قال إن المقدر هو الواجب من النعم قال: لأن الشيء إنما تقدر قيمته إذا عدم بتقدير مثله أعني شبيهه. وأما من قال إن الآية على التخيير فإنه التفت إلى حرف أو إذ كان مقتضاها في لسان العرب التخيير وأما من نظر إلى ترتيب الكفارات في ذلك فشبهها في الكفارات التي فيها الترتيب باتفاق وهي كفارة الظهار والقتل. وأما اختلافهم في هل يستأنف الحكم في الصيد الواحد الذي قد وقع الحكم فيه من الصحابة فالسبب في اختلافهم هو هل الحكم الشرعي غير معقول المعنى أم هذا معقول المعنى؟ فمن قال هو معقول المعنى قال: ما قد حكم فيه فليس يوجد شيء أشبه به منه مثل النعامة فإنه لا يوجد أشبه بها من البدنة فلا معنى لإعادة الحكم ومن قال هو عبادة قال: يعاد ولا بد منه وبه قال مالك. وأما اختلافهم في الجماعة يشتركون في قتل الصيد الواحد فسببه هل الجزاء موجبه هو التعدي فقط أو التعدي على جملة الصيد؟ فمن قال التعدي فقط أوجب على

الصفحة 360