كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

كل واحد من الجماعة القاتلة للصيد جزاء ومن قال التعدي على جملة الصيد قال: عليهم جزاء واحد. وهذه المسألة شبيهة بالقصاص في النصاب في السرقة وفي القصاص في الأعضاء وفي الأنفس وستأتي في مواضعها من هذا الكتاب إن شاء الله. وتفريق أبي حنيفة بين المحرمين وبين غير المحرمين القاتلين في الحرم على جهة التغليظ على المحرمين ومن أوجب على كل واحد من الجماعة جزاء فإنما نظر إلى سد الذرائع فإنه لو سقط عنهم الجزاء جملة لكان من أراد أن يصيد في الحرم صاد في جماعة وإذا قلنا إن الجزاء هو كفارة للإثم فيشبه أنه لا يتبعض إثم قتل الصيد بالاشتراك فيه فيجب أن لا يتبعض الجزاء فيجب على كل واحد كفارة. وأما اختلافهم في هل يكون أحد الحكمين قاتل الصيد فالسبب فيه معارضة مفهوم الظاهر لمفهوم المعنى الأصلي في الشرع وذلك أنه لم يشترطوا في الحكمين إلا العدالة فيجب على ظاهر هذا أن يجوز الحكم ممن يوجد فيه هذا الشرط سواء أكان قاتل الصيد أو غير قاتل. وأما مفهوم المعنى الأصلي في الشرع فهو أن المحكوم عليه لا يكون حاكما على نفسه. وأما اختلافهم في الموضع فسببه الإطلاق أعني أنه لم يشترط فيه موضع فمن شبهه بالزكاة في أنه حق للمساكين فقال لا ينقل من موضعه. وأما من رأى أن المقصود بذلك إنما هو الرفق بمساكين مكة قال: لا يطعم إلا مساكين مكة ومن اعتمد ظاهر الإطلاق قال: يطعم حيث شاء. وأما اختلافهم في الحلال يقتل الصيد في الحرم هل عليه كفارة أم لا؟ فسببه هل يقاس في الكفارات عند من يقول بالقياس؟ وهل القياس أصل من أصول الشرع عند الذين يختلفون فيه؟ فأهل الظاهر ينفون قياس قتل الصيد في الحرم على المحرم لمنعهم القياس في الشرع ويحق على أصل أبي حنيفة أن يمنعه لمنعه القياس في الكفارات ولا خلاف بينهم في تعلق الاسم به لقوله سبحانه وتعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض" وأما اختلافهم فيمن قتله ثم أكله هل عليه جزاء واحد أم جزاءان؟ فسببه هل أكله تعد ثان عليه سوى تعدي القتل أم لا؟ وإن كان تعديا عليه فهل هو مساو

الصفحة 361