كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

تجب فعلى المتمتع باتفاق وقد تقدم الخلاف في المتمتع من هو وأما اختلافهم في الواجب فإن الجمهور من العلماء على أن ما استيسر من الهدي هو شاة واحتج مالك في أن اسم الهدي قد ينطلق على الشاة بقوله تعالى في جزاء الصيد الكعبة ومعلوم بالإجماع أنه قد يجب في جزاء الصيد شاة وذهب ابن عمر إلى أن اسم الهدي لا ينطلق إلا على الإبل والبقر وأن معنى قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} أي بقرة أدون من بقرة وبدنة أدون من بدنة. وأجمعوا أن هذه الكفارة على الترتيب وأن من لم يجد الهدي فعليه الصيام. واختلفوا في حد الزمان الذي ينتقل بانقضائه فرضه من الهدي إلى الصيام فقال مالك: إذا شرع في الصوم فقد انتقل واجبه إلى الصوم وإن وجد الهدي في أثناء الصوم. وقال أبو حنيفة: إن وجد الهدي في صوم الثلاثة الأيام لزمه وإن وجده في صوم السبعة لم يلزمه وهذه المسألة نظير مسألة من طلع عليه الماء في الصلاة وهو متيمم. وسبب الخلاف هو هل ما هو شرط ابتداء العبادة هو شرط في استمرارها. وإنما فرق أبو حنيفة بين الثلاثة والسبعة لأن الثلاثة الأيام هي عنده بدل من الهدي والسبعة ليست ببدل وأجمعوا على أنه إذا صام الثلاثة الأيام في العشر الأول من ذي الحجة أنه قد أتى بها في محلها لقوله سبحانه: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} ولا خلاف أن العشر الأول من أيام الحج واختلفوا فيمن صامها في أيام عمل العمرة قبل أن يهل بالحج أو صامها في أيام منى فأجاز مالك صيامها في أيام منى ومنعه أبو حنيفة وقال: إذا فاتته الأيام الأولى وجب الهدي في ذمته ومنعه مالك قبل الشروع في عمل الحج وأجازه أبو حنيفة. وسبب الخلاف هل ينطلق اسم الحج على هذه الأيام المختلف فيها أم لا؟ وإن انطلق فهل من شرط الكفارة أن المساجد إلا بعد وقوع موجبها فمن قال: لا تجزي كفارة إلا بعد وقوع موجبها قال: لا يجزي الصوم إلا بعد الشروع في الحج ومن قاسها على كفارة الأيمان قال يجزي واتفقوا أنه إذا صام السبعة الأيام في أهله أجزأه واختلفوا إذا صامها في الطريق فقال مالك: يجزي الصوم وقال الشافعي: لا يجزي وسبب الخلاف الاحتمال الذي في قوله سبحانه: {إِذَا رَجَعْتُمْ} فإن اسم الراجع ينطلق على من فرغ من الرجوع وعلى من هو في الرجوع نفسه فهذه هي الكفارة التي ثبتت

الصفحة 369