الصَّلاةِ} أي إذا قمتم من النوم على ما روي عن زيد بن أسلم وغيره من السلف فلما تعارضت ظواهر هذه الآثار ذهب العلماء فيها مذهبين: مذهب الترجيح ومذهب الجمع فمن ذهب مذهب الترجيح إما أسقط وجوب الوضوء من النوم أصلا على ظاهر الأحاديث التي تسقطه وإما أوجبه من قليله وكثيره على ظاهر الأحاديث التي تسقطه أيضا أعني على حسب ما ترجح عنده من الأحاديث الموجبة أو من الأحاديث المسقطة ومن ذهب مذهب الجمع حمل الأحاديث الموجبة للوضوء منه على الكثير والمسقطة للوضوء على القليل وهو كما قلنا مذهب الجمهور والجمع أولى من الترجيح ما أمكن الجمع عند أكثر الأصوليين. وأما الشافعي فإنما حملها على أن المستثنى من هيئات النائم الجلوس فقط لأنه قد صح ذلك عن الصحابة أعني أنهم كانوا ينامون جلوسا ولا يتوضئون ويصلون. وإنما أوجبه أبو حنيفة في النوم في الاضطجاع فقط لأن ذلك ورد في حديث تزوجها وهو أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إنما الوضوء على من نام مضطجعا" والرواية بذلك ثابتة عن عمر. وأما مالك فلما كان النوم عنده إنما ينقض الوضوء من حيث كان غالبا سببا للحدث راعى فيه ثلاثة أشياء: الاستثقال أو الطول أو الهيئة فلم يشترط في الهيئة التي يكون منها خروج الحدث غالبا لا الطول ولا الاستثقال واشترط ذلك في الهيئات التي لا يكون خروج الحدث منها غالبا.
المسألة الثالثة: اختلف العلماء في إيجاب الوضوء من لمس النساء باليد أو بغير ذلك من الأعضاء الحساسة فذهب قوم إلى أن من لمس امرأة بيده مفضيا إليها ليس بينها وبينه حجاب ولا ستر فعليه الوضوء وكذلك من قبلها لأن القبلة عندهم لمس ما سواء التذ أو لم يلتذ وبهذا القول قال الشافعي وأصحابه إلا أنه مرة فرق بين اللامس والملموس فأوجب الوضوء على اللامس دون الملموس ومرة سوى بينهما ومرة فرق أيضا بين ذوات المحارم والزوجة فأوجب الوضوء على من لمس الزوجة دون ذوات المحارم ومرة سوى بينهما. وذهب آخرون إلى إيجاب الوضوء من اللمس إذا فارقته اللذة أو قصد اللذة في تفصيل لهم في ذلك وقع بحائل أو بغير حائل بأي