بالسمع وهي من المتفق عليها ولا خلاف أن من فاته الحج بعد أن شرع فيه إما بفوت ركن من أركانه وإما من قبل غلطه في الزمان أو من قبل جهله أو نسيانه أو إتيانه في الحج فعلا مفسدا له فإن عليه القضاء إذا كان حجا واجبا وهل عليه هدي مع القضاء؟ اختلفوا فيه وإن كان تطوعا فهل عليه قضاء أم لا؟ الخلاف في ذلك كله لكن الجمهور على أن عليه الهدي لكون النقصان الداخل عليه مشعرا بوجوب الهدي وشذ قوم فقالوا: لا هدي أصلا ولا قضاء إلا أن يكون في حج واجب ومما يخص الحج الفاسد عند الجمهور دون سائر العبادات أنه يمضي فيه المفسد له ولا يقطعه وعليه دم. وشذ قوم فقالوا: هو كسائر العبادات وعمدة الجمهور ظاهر قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فالجمهور عمموا والمخالفون خصصوا قياسا على غيرها من العبادات إذا وردت عليها المفسدات واتفقوا على أن المفسد للحج أما من الأفعال المأمور بها فترك الأركان التي هي شرط في صحته على اختلافهم فيما هو ركن مما ليس بركن. وأما من التروك المنهي عنها فالجماع وإن كانوا اختلفوا في الوقت الذي إذا وقع فيه الجماع كان مفسدا للحج. فأما إجماعهم على إفساد الجماع للحج فلقوله سبحانه: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} واتفقوا على أن من وطئ قبل الوقوف بعرفة فقد أفسد حجه وكذلك من وطىء من المعتمرين قبل أن يطوف ويسعى. واختلفوا في فساد الحج بالوطء بعد الوقوف بعرفة وقبل رمي جمرة العقبة وبعد رمي الجمرة وقبل طواف الإفاضة الذي هو الواجب فقال مالك: من وطىء قبل رمي جمرة العقبة فقد فسد حجه وعليه الهدي والقضاء وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة والثوري: عليه الهدي بدنة وحجة تام. وقد روي مثل هذا عن مالك. وقال مالك: من وطىء بعد رمي جمرة العقبة وقبل طواف الإفاضة فحجه تام وبقول مالك في أن الوطء قبل طواف الإفاضة لا يفسد الحج قال الجمهور: ويلزمه عندهم الهدي. وقالت طائفة: من وطىء قبل طواف الإفاضة فسد حجه وهو قول ابن عمر. وسبب الخلاف أن للحج تحللا يشبه السلام في الصلاة وهو التحلل الأكبر وهو الإفاضة وتحللا أصغر وهل يشترط في إباحة الجماع تحللان أو أحدهما؟