كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

ولا خلاف بينهم أن التحلل الأصغر الذي هو رمي الجمرة يوم النحر أنه يحل به الحاج من كل شيء حرم عليه بالحج إلا النساء والطيب والصيد فإنهم اختلفوا فيه والمشهور عن مالك أنه يحل له كل شيء إلا النساء والطيب وقيل عنه إلا النساء والطيب والصيد لأن الظاهر من قوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} أنه التحلل الأكبر. واتفقوا أيضا على يحل من عمرته إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وإن لم يكن حلق ولا قصر لثبوت الآثار في ذلك إلا خلافا شاذا. وروي عن ابن عباس أنه يحل بالطواف. وقال أبو حنيفة: لا يحل إلا بعد الحلاق وإن جامع قبله فسدت عمرته. واختلفوا في صفة الجماع الذي يفسد الحج. وفي مقدماته فالجمهور على أن التقاء الختانين يفسد الحج ويحتمل من يشترطه في وجوب الطهر الإنزال مع التقاء الختانين أن يشترط في الحج. واختلفوا في إنزال الماء فيما دون الفرج فقال أبو حنيفة: لا يفسد الحج إلا الإنزال في الفرج. وقال الشافعي ما يوجب الحد يفسد الحج. وقال مالك: الإنزال نفسه يفسد الحج وكذلك مقدماته من المباشرة والقبلة. واستحب الشافعي فيمن جامع دون الفرج أن يهدي. واختلفوا فيمن وطىء مرارا فقال مالك: ليس عليه إلا هدي واحد. وقال أبو حنيفة: إن كرر الوطء في مجلس واحد كان عليه هدي واحد وإن كرره في مجالس كان عليه لكل وطء هدي. وقال محمد بن الحسن: يجزيه هدي واحد وإن كرر الوطء ما لم يهد لوطئه الأول. وعن الشافعي الثلاثة الأقوال إلا أن الأشهر عنه مثل قول مالك. واختلفوا فيمن وطىء ناسيا فسوى مالك في ذلك بين العمد والنسيان. وقال الشافعي في الجديد لا كفارة عليه. واختلفوا هل على المرأة هدي؟ فقال مالك: إن طاوعته فعليها هدي وإن أكرهها فعليه هديان. وقال الشافعي: ليس عليه إلا هدي واحد كقوله في المجامع في رمضان وجمهور العلماء على أنهما إذا حجا من قابل تفرقا أعني الرجل والمرأة وقيل لا يفترقان والقول بأن لا يفترقا مروي عن بعض الصحابة والتابعين وبه قال أبو حنيفة. واختلف قول مالك والشافعي من أين يفترقان؟ فقال الشافعي: يفترقان من حيث أفسدا الحج وقال مالك: يفترقان من حيث أحرما إلا أن يكونا أحرما قبل الميقات فمن آخذهما بالافتراق فسدا للذريعة وعقوبة ومن

الصفحة 371