بحديث سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم" وكأن العلة الموجبة للقتل عنده إنما هي للكفر فوجب أن تطرد هذه العلة في جميع الكفار. وأما من ذهب إلى أنه لا يقتل الحراث فإنه احتج في ذلك بما روي عن زيد بن وهب قال: أتانا كتاب عمر رضي الله عنه وفيه: لا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدا واتقوا الله في الفلاحين. وجاء في حديث رباح بن ربيعة النهي عن قتل العسيف المشرك وذلك أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها فمر رباح وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة مقتولة فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ثم قال: "ما كانت هذه لتقاتل" ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم: "الحق بخالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا ولا امرأة" . والسبب الموجب بالجملة لاختلافهم اختلافهم في العلة الموجبة للقتل فمن زعم أن العلة الموجبة لذلك هي الكفر لم يستثن أحدا من المشركين ومن زعم أن العلة في ذلك إطاقة القتال للنهي عن قتل النساء مع أنهن كفار استثنى من لم يطق القتال ومن لم ينصب نفسه إليه كالفلاح والعسيف. وصح النهي عن المثلة واتفق المسلمون على جواز قتلهم بالسلاح واختلفوا في تحريقهم بالنار فكره قوم تحريقهم بالنار ورميهم بها وهو قول عمر. ويروى عن مالك وأجاز ذلك سفيان الثوري وقال بعضهم: إن ابتدأ العدو بذلك جاز وإلا فلا. والسبب في اختلافهم معارضة العموم للخصوص. أما العموم فقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ولم يستثن قتلا من قتل. وأما الخصوص فما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في رجل: "إن قدرتم عليه فاقتلوه ولا تحرقوه بالنار فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار" واتفق عوام الفقهاء على جواز رمي الحصون بالمجانيق سواء كان فيها نساء وذرية أو لم يكن لما جاء أن النبي عليه الصلاة والسلام نصب المنجنيق على أهل الطائف وأما إذا كان الحصن فيه أسارى من المسلمين وأطفال من المسلمين فقالت طائفة: يكف عن رميهم بالمنجنيق وبه قال الأوزاعي. وقال الليث: ذلك جائز ومعتمد من لم يجزه قوله تعالى: