لعموم قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية. وقال قوم: إذا خرجت السرية أو الرجل الواحد بغير إذن الإمام فكل ما ساق العربي يأخذه الإمام وقال قوم: بل يأخذه كله الغانم. فالجمهور تمسكوا بظاهر الآية وهؤلاء كأنهم اعتمدوا صورة الفعل الواقع من ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن جميع السرايا إنما كانت تخرج عن إذنه عليه الصلاة والسلام فكأنهم رأوا أن إذن الإمام شرط في ذلك وهو ضعيف. وأما من له السهم من الغنيمة؟ فإنهم اتفقوا على الذكران الأحرار البالغين واختلفوا في أضدادهم: أعني في النساء والعبيد ومن لم يبلغ من الرجال ممن قارب البلوغ فقال قوم ليس للعبيد ولا للنساء حظ من الغنيمة ولكن يرضخ لهم وبه قال مالك وقال قوم: لا يرضخ ولا لهم حظ الغانمين وقال قوم: بل لهم حظ واحد من الغانمين وهو قول الأوزاعي. وكذلك اختلفوا في الصبي المراهق فمنهم من قال: يقسم له وهو مذهب الشافعي ومنهم من اشترط في ذلك أن يطيق القتال وهو مذهب مالك ومنهم من قال: يرضخ له. وسبب اختلافهم في العبيد هو هل عموم الخطاب يتناول الأحرار والعبيد معا أم الأحرار فقط دون العبيد؟ وأيضا فعمل الصحابة معارض لعموم الآية وذلك أنه انتشر فيهم رضي الله عنهم أن الغلمان لا سهم لهم وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس ذكره ابن أبي شيبة من طرق عنهما قال أبو عمر بن عبد البر: أصح ما روي من ذلك عن عمر ما رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قال عمر: ليس أحد إلا وله في هذا المال حق إلا ما ملكت أيمانكم وإنما صار الجمهور إلى أن المرأة لا يقسم بها ويرضخ بحديث أم عطية الثابت قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنداوي الجرحى ونمرض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة. وسبب اختلافهم هو اختلافهم في تشبيه المرأة بالرجل في كونها إذا عزت لها تأثير في الحرب أم لا؟ فإنهم اتفقوا على أن النساء مباح لهن الغزو فمن شبههن بالرجال أوجب لهن نصيبا في الغنيمة ومن رآهن ناقصات عن الرجال في هذا المعنى إما لم يوجب لهم شيئا وإما أوجب لهم دون حظ الغانمين وهو الأرضاخ والأولى اتباع الأثر وزعم الأوزاعي