كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

خرجه أيضا أبو داود والترمذي وصححه كثير من أهل العلم الكوفيون وغيرهم فذهب العلماء في تأويل هذه الأحاديث أحد مذهبين: إما مذهب الترجيح أو النسخ وإما مذهب الجمع فمن رجح حديث بسرة أو رآه ناسخا لحديث طلق بن علي قال بإيجاب الوضوء من مس الذكر ومن رجح حديث طلق بن علي أسقط وجوب الوضوء من مسه ومن رام أن يجمع بين الحديثين أوجب الوضوء منه في حال ولم يوجبه في حال أو حمل حديث بسرة على الندب وحديث طلق بن علي على نفي الوجوب والاحتجاجات التي يحتج بها كل واحد من صليت في ترجيح الحديث الذي رجحه كثيرة يطول ذكرها وهي قوما في كتبهم ولكن نكتة اختلافهم هو ما أشرنا إليه.
المسألة الخامسة : اختلف الصدر الأول في إيجاب الوضوء من أكل ما مسته النار لاختلاف الآثار الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفق جمهور فقهاء الأمصار بعد الصدر الأول على سقوطه إذ صح عندهم أنه عمل الخلفاء الأربعة ولما ورد من حديث جابر أنه قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار خرجه أبو داود. ولكن ذهب قوم من أهل الحديث أحمد وإسحاق وطائفة غيرهم أن الوضوء يجب فقط من أكل لحم الجزور لثبوت الحديث الوارد بذلك عنه عليه الصلاة والسلام.
المسألة السادسة : شذ أبو حنيفة فأوجب الوضوء من الضحك في الصلاة لمرسل أبي العالية وهو أن قوما ضحكوا في الصلاة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الوضوء والصلاة. ورد الجمهور هذا الحديث لكونه مرسلا ولمخالفته للأصول وهو أن يكون شيء ما ينقض الطهارة في الصلاة ولا ينقضها الصلاة وهو مرسل صحيح.
المسألة السابعة : وقد شذ قوم فأوجبوا الوضوء من حمل الميت وفيه أثر ضعيف من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ وينبغي أن تعلم أن جمهور العلماء أوجبوا الوضوء من زوال العقل بأي نوع كان من قبل إغماء أو جنون أو سكر وهؤلاء كلهم قاسوه على النوم أعني أنهم

الصفحة 40