رجلا وجد بعيرا له كان المشركون قد أصابوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أصبته قبل أن يقسم فهو لك وإن أصبته بعد القسم أخذته بالقيمة" لكن الحسن بن عمارة مجتمع على ضعفه وترك الاحتجاج به عند أهل الحديث والذي عول عليه مالك فيما أحسب من ذلك هو قضاء عمر بذلك ولكن ليس يجعل له أخذه بالثمن بعد القسم على ظاهر حديثه واستثناء أبي حنيفة أم الولد والمدبر من سائر الأموال لا معنى له وذلك أنه يرى أن الكفار يملكون على المسلمين سائر الأموال ما عدا هذين وكذلك قول مالك في أم الولد إنه إذا أصابها مولاها بعد القسم أن على الإمام أن يفديها فإن لم يفعل أجبر سيدها على فدائها فإن لم يكن له مال أعطيت له واتبعه الذي أخرجت في نصيبه بقيمتها دينا متى أيسر هو قول أيضا ليس له حظ من النظر لأنه إن لم يملكها الكفار فقد يجب أن يأخذها بغير ثمن وإن ملكوها فلا سبيل له عليها وأيضا فإنه لا فرق بينها وبين سائر الأموال إلا أن يثبت في ذلك سماع ومن هذا الأصل أعني من اختلافهم هل يملك المشرك مال المسلم أو لا يملك؟ واختلف الفقهاء في الكافر يسلم وبيده مال مسلم هل يصح له أم لا؟ فقال مالك وأبو حنيفة: يصح له. وقال الشافعي: على أصله لا يصح له. واختلف مالك وأبو حنيفة إذا دخل مسلم إلى الكفار على جهة التلصص وأخذ مما في أيديهم مال مسلم فقال أبو حنيفة: هو أولى به وإن أراده صاحبه أخذه بالثمن وقال مالك: هو لصاحبه فلم يجر على أصله. ومن هذا الباب اختلافهم في الحربي يسلم ويهاجر ويترك في دار الحرب ولده وزوجه وماله هل يكون لما ترك حرمة مال المسلم وزوجه وذريته فلا يجوز تملكهم للمسلمين إن غلبوا على ذلك أم ليس لما ترك حرمة؟ فمنهم من قال: لكل ما ترك حرمة الإسلام ومنهم من قال: ليس له حرمة ومنهم من فرق بين المال والزوجة والولد فقال: ليس للمال حرمة وللولد والزوجة حرمة وهذا جار على غير قياس وهو قول مالك والأصل أن المبيح للمال هو الكفر وأن العاصم له هو الإسلام كما قال عليه الصلاة والسلام: "فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم" فمن زعم أن هاهنا مبيحا للمال غير الكفر من تملك عدو أو غيره فعليه الدليل وليس هاهنا دليل تعارض به هذه القاعدة والله أعلم.