كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام. وروي عنه أيضا أنه بعث عثمان بن حنيف فوضع الجزية على ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر. فمن حمل هذه الأحاديث كلها على التخيير وتمسك في ذلك بعموم ما ينطلق عليه اسم جزية إذ ليس في توقيت ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم متفق على صحته وإنما ورد الكتاب في ذلك عاما قال: لا حد في ذلك وهو الأظهر والله أعلم. ومن جمع بين حديث معاذ والثابت عن عمر قال: أقله محدود ولا حد لأكثره. ومن رجح أحد حديثي عمر قال إما بأربعين درهما وأربعة دنانير وإما بثمانية وأربعين درهما وأربعة وعشرين واثني عشر على ما تقدم. ومن رجح حديث معاذ لأنه تزوجها قال: دينار فقط أو عدله معافر لا يزاد على ذلك ولا ينقص منه.
وأما المسألة الرابعة : وهي متى تجب الجزية؟ فإنهم اتفقوا على أنها لا تجب إلا بعد الحول وأنه تسقط عنه إذا أسلم قبل انقضاء الحول. واختلفوا إذا أسلم بعد ما يحول عليه الحول هل تؤخذ منه جزية للحول الماضي بأسره أو لما مضى منه؟ فقال قوم: إذا أسلم فلا جزية عليه بعد انقضاء الحول كان بعد إسلامه أو قبل انقضائه وبهذا القول قال الجمهور وقالت طائفة: إن أسلم بعد الحول وجبت عليه الجزية وإن أسلم قبل حلول الحول لم تجب عليه وإنهم اتفقوا على أنه لا تجب عليه قبل انقضاء الحول لأن الحول شرط في وجوبها فإذا وجد الرافع لها وهو الإسلام قبل تقرر الوجوب أعني قبل وجود شرط الوجوب لم تجب وإنما اختلفوا بعد انقضاء الحول لأنها قد وجبت فمن رأى أن الإسلام يهدم هذا الواجب في الكفر كما يهدم كثيرا من الواجبات قال: تسقط عنه وإن كان إسلامه بعد الحول ومن رأى أنه لا يهدم الإسلام هذا الواجب كما لا يهدم كثيرا من الحقوق المرتبة مثل الديون وغير ذلك قال: لا تسقط بعد انقضاء الحول. فسبب اختلافهم هو هل الإسلام يهدم الجزية الواجبة أو لا يهدمها.
وأما المسألة الخامسة : وهي كم أصناف الجزية؟ فإن الجزية عندهم ثلاثة أصناف: جزية عنوية وهي هذه التي تكلمنا فيها أعني التي تفرض على الحربيين بعد غلبتهم. وجزية صلحية وهي التي يتبرعون بها ليكف عنهم,

الصفحة 405