قول الرجل في أثناء المخاطبة لا والله لا بالله مما يجري على الألسنة بالعادة من غير أن يعتقد لزومه وهذا القول رواه مالك في الموطأ عن عائشة والقول الأول مروي عن الحسن ابن أبي الحسن وقتادة ومجاهد وإبراهيم النخعي. وفيه قول ثالث وهو أن يحلف الرجل وهو غضبان وبه قال إسماعيل القاضي من أصحاب مالك. وفيه قول رابع وهو الحلف على المعصية وروي عن ابن عباس. وفيه قول خامس وهو أن يحلف الرجل على أن لا يأكل شيئا مباحا له بالشرع. والسبب في اختلافهم في ذلك هو الاشتراك الذي في اسم اللغو وذلك أن اللغو قد يكون الكلام الباطل مثل قوله تعالى: {وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} وقد يكون الكلام الذي عليه نية المتكلم به ويدل على أن اللغو في الآية هو هذا أن هذه اليمين هي ضد اليمين المنعقدة وهي المؤكدة فوجب أن يكون الحكم المضاد للشيء المضاد. والذين قالوا إن اللغو هو الحلف في إغلاق أو الحلف على ما يوجب الشرع فيه شيئا بحسب ما يعتقد في ذلك قوم فإنما ذهبوا إلى أن اللغو هاهنا يدل على معنى عرفي في الشرع وهي الأيمان التي بين الشرع في مواضع أخرى سقوط حكمها مثل ما روي أنه: لا طلاق في إغلاق وما أشبه ذلك لكن الأظهر هما القولان الأولان: أعني قول مالك والشافعي.
الفصل الثالث: في معرفة التى ترفعها الكفارة والتى لا ترفعها
...
الفصل الثالث في معرفة الأيمان التي ترفعها الكفارة والتي لا ترفعها
وهذا الفصل أربع مسائل:
المسألة الأولى: اختلفوا في الأيمان بالله المنعقدة هل الكفارة سواء أكان حلفا على شيء ماض أنه كان فلم يكن وهي التي تعرف باليمين الغموس وذلك إذا تعمد الكذب أو على شيء مستقبل أنه يكون من قبل الحالف أو من قبل من هو بسببه فلم يكن فقال الجمهور: ليس في اليمين الغموس كفارة وإنما الكفارة في الأيمان التي تكون في المستقبل إذا خالف اليمين الحالف وممن قال بهذا القول مالك وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل. وقال الشافعي وجماعة: يجب فيها الكفارة أي تسقط الكفارة الإثم فيها كما تسقطه