رأوا أنه إذا كان النوم يوجب الوضوء في الحالة التي هي سبب للحدث غالبا وهو الاستثقال فأحرى أن يكون ذهاب العقل سببا لذلك فهذه هي مسائل الباب المجمع عليها والمشهورات من المختلف فيها وينبغي أن نصير إلى الباب الخامس.
الباب الخامس: معرفة أفعال شروط الطهارة
...
الباب الخامس
وهو معرفة الأفعال التي تشترط هذه الطهارة في فعلها
والأصل في هذا الباب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} الآية وقوله عليه الصلاة والسلام: {لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول} فاتفق المسلمون على أن الطهارة شرط من شروط الصلاة لمكان هذا وإن كانوا اختلفوا هل هي شرط من شروط الصحة أو من شروط الوجوب ولم يختلفوا أن ذلك شرط في جميع الصلوات إلا في صلاة الجنازة وفي السجود أعني سجود التلاوة فإن فيه خلافا شاذا. والسبب في ذلك الاحتمال العارض في انطلاق اسم الصلاة على الصلاة على الجنائز وعلى السجود فمن ذهب إلى أن اسم الصلاة ينطلق على صلاة الجنائز وعلى السجود نفسه وهم الجمهور اشترط هذه الطهارة فيهما ومن ذهب إلى أنه لا ينطلق عليهما إذ كانت صلاة الجنائز ليس فيها ركوع ولا سجود وكان السجود أيضا ليس فيه قيام ولا ركوع لم يشترط هذه الطهارة فيهما. ويتعلق بهذا الباب مع هذه المسألة أربع مسائل:
المسألة الأولى : هل هذه الطهارة شرط في مس المصحف أم لا؟ فذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي إلى أنها شرط في مس المصحف وذهب أهل الظاهر إلى أنها ليست بشرط في ذلك. والسبب في اختلافهم تردد مفهوم قوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} بين أن يكون المطهرون هم بني آدم وبين أن يكونوا هم الملائكة وبين أن يكون هذا الخبر مفهومه النهي وبين أن يكون خبرا لا نهيا فمن فهم من المطهرون بني آدم وفهم من الخبر النهي قال: لا يجوز أن يمس المصحف إلا طاهر ومن فهم منه الخبر فقط وفهم من لفظ المطهرون الملائكة قال: إنه ليس في الآية دليل على اشتراط