كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

القسم الثاني: النظر في الكفارات
الفصل الأول: في موجب الحنث وشروطه وأحكامه
...
القسم الثاني من الجملة الثانية
وهذا القسم فيه فصول ثلاثة قواعد.
الفصل الأول: في موجب الحنث وشروطه وأحكامه.
الفصل الثاني: في رافع الحنث وهي الكفارات. الفصل الثالث: متى ترفع وكم ترفع.
الفصل الأول في موجب الحنث وشروطه وأحكامه
واتفقوا على أن موجب الحنث هو المخالفة لما انعقدت عليه اليمين وذلك إما فعل ما خلف على ألا يفعله وإما ترك ما حلف على فعله إذا علم أنه قد تراخى عن فعل ما حلف على فعله إلى وقت ليس يمكنه فيه فعله وذلك في اليمين بالترك المطلق مثل أن يحلف ليأكلن هذا الرغيف فيأكله غيره أو إلى وقت هو غير الوقت الذي اشترط في وجود الفعل عنده وذلك في الفعل المشترط فعله في زمان محدود مثل أن يقول: والله لأفعلن اليوم كذا وكذا فإنه إذا انقضى النهار ولم يفعل حنث ضرورة. واختلفوا من ذلك في أربعة مواضع: أحدها إذا أتى بالمخالف ناسيا أو مكرها. والثاني هل يتعلق موجب اليمين بأقل ما ينطلق عليه الاسم أو بجميعه. والموضع الثالث هل يتعلق اليمين بالمعنى المساوي لصيغة اللفظ أو بمفهومه المخصص للصيغة والمعمم لها. والموضع الرابع هل اليمين على نية الحالف أو المستحلف.
فأما المسألة الأولى: فإن مالكا يرى الساهي والمكره بمنزلة العامد والشافعي يرى أن لا حنث على الساهي ولا على المكره. وسبب اختلافهم معارضة عموم قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} ولم يفرق بين عامد وناس لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" فإن هذين العمومين يمكن أن يخصص كل واحد منهما بصاحبه.
وأما الموضع الثاني: فمثل أن يحلف أن لا يفعل شيئا ففعل بعضه أو أنه يفعل شيئا فلم يفعل بعضه فعند مالك إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف فأكل بعضه لا يبرأ إلا بأكله كله وإذا قال: لا آكل هذا الرغيف أنه يحنث إن أكل بعضه وعند الشافعي وأبي حنيفة أنه لا يحنث في الوجهين جميعا حملا على الأخذ بأكثر ما يدل عليه الاسم. وأما تفريق مالك بين الفعل والترك فلم يجر في ذلك على أصل واحد لأنه أخذ في الترك بأقل ما يدل عليه الاسم وأخذ في الفعل بجميع ما يدل عليه الاسم وكأنه ذهب إلى الاحتياط.
وأما المسألة الثالثة: فمثل أن يحلف على شيء بعينه يفهم منه القصد إلى معنى

الصفحة 415