يقول: إن فعلت كذا فعلي نذر كذا وهذا هو الذي يسميه الفقهاء أيمانا وقد تقدم من قولنا أنها ليست بأيمان فهذه هي أصناف النذور من جهة الصيغ. وأما أصنافه من جهة الأشياء التي من جنس المعاني المنذور بها فإنها تنقسم إلى أربعة أقسام نذر بأشياء من من ونذر بأشياء من جنس المعاصي ونذر بأشياء من جنس المكروهات ونذر بأشياء من جنس المباحات وهذه الأربعة تنقسم قسمين: نذر بتركها ونذر بفعلها.
الفصل الثاني فيما يلزم من النذور وما لا يلزم
وأما ما يلزم من هذه النذور وما لا يلزم فإنهم اتفقوا على لزوم النذر المطلق إلا ما حكي عن بعض أصحاب الشافعي أن النذر المطلق لا يجوز وإنما اتفقوا على لزوم النذر المطلق إذا كان على وجه الرضا لا على وجه اللجاج وصرح فيه بلفظ النظر لا إذا لم يصرح وسواء كان النذر مصرحا فيه بالشيء المنذور أو كان غير مصرح. وكذلك أجمعوا على لزوم النذر الذي مخرجه مخرج الشرط إذا كان نذرا بقربة وإنما صاروا لوجوب النذر لعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ولأن الله تعالى قد مدح به فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} وأخبر بوقوع العقاب بنقضه فقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} الآية إلى قوله: {وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ} . والسبب في اختلافهم في التصريح بلفظ النذر في النذر المطلق هو اختلافهم في هل يجب النذر بالنية واللفظ معا أو بالنية فقط؟ فمن قال بهما معا إذا قال لله علي كذا وكذا ولم يقل نذرا لم يلزمه شيء لأنه إخبار بوجوب شيء لم يوجبه الله عليه إلا أن يصرح بجهة الوجوب ومن قال ليس من شرطه اللفظ قال: ينعقد النذر وإن لم يصرح بلفظه وهو مذهب مالك أعني أنه إذا لم يصرح بلفظ النذر أنه يلزم وإن كان من مذهبه أن النذر لا يلزم إلا بالنية واللفظ لكن رأى أن حذف لفظ النذر من القول غير معتبر إذ كان المقصود بالأقاويل التي مخرجها مخرج النذر النذر وإن لم يصرح فيها بلفظ النذر وهذا مذهب الجمهور والأول مذهب سعيد بن المسيب ويشبه أن يكون من لم ير