"مروه فليتكلم وليجلس وليتم صيامه" قالوا: فأمره أن يتم ما كان طاعة لله ويترك ما كان معصية وليس بالظاهر أن ترك الكلام معصية وقد أخبر الله أنه نذر مريم وكذلك يشبه أن يكون القيام في الشمس ليس بمعصية إلا ما يتعلق بذلك من جهة إتعاب النفس. فإن قيل فيه معصية فبالقياس لا بالنص فالأصل فيه أنه من المباحات.
المسألة الثانية : واختلفوا فيمن حرم على نفسه شيئا من المباحات فقال مالك: لا يلزم ما عدا الزوجة وقال أهل الظاهر: ليس في ذلك شيء وقال أبو حنيفة: في ذلك كفارة يمين. وسبب اختلافهم معارضة مفهوم النظر لظاهر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} وذلك أن النذر ليس هو اعتقاد خلاف الحكم الشرعي أعني من تحريم محلل أو تحليل محرم وذلك أن التصرف في هذا إنما هو للشارع فوجب أن يكون لمكان هذا المفهوم أن من حرم على نفسه شيئا أباحه الله له بالشرع أنه لا يلزمه كما لا يلزم إن نذر تحليل شيء حرمه الشرع وظاهر قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أثر العتب عل التحريم يوجب أن تكون الكفارة تحل هذا العقد وإذا كان ذلك كذلك فهو غير لازم والفرقة الأولى تأولت التحريم المذكور في الآية أنه كان العقد بيمين. وقد اختلف في الشيء الذي نزلت فيه هذه الآية. وفي كتاب مسلم أن ذلك كان في شربة عسل وفيه عن ابن عباس أنه قال: إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .
الفصل الثالث في معرفة الشيء الذي يلزم عنها وأحكامها
وأما اختلافهم في ماذا يلزم في نذر نذر من النذور وأحكام ذلك فإن فيه اختلافا كثيرا لكن نشير نحن من ذلك إلى مشهورات المسائل في ذلك وهي التي تتعلق بأكثر ذلك بالنطق الشرعي على عادتنا في هذا الكتاب وفي ذلك مسائل خمس:
المسألة الأولى : اختلفوا في الواجب في النذر المطلق الذي ليس يعين فيه