كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

المسألة الرابعة : واختلفوا في الواجب على من نذر أن ينحر ابنه في مقام إبراهيم فقال مالك: ينحر جزورا فداء له وقال أبو حنيفة: ينحر شاة وهو أيضا مروي عن ابن عباس وقال بعضهم: بل ينحر مائة من الإبل وقال بعضهم يهدي ديته وروي ذلك عن علي وقال بعضهم: بل يحج له وبه قال الليث وقال أبو يوسف والشافعي: لا شيء عليه لأنه نذر معصية ولا نذر في معصية. وسبب اختلافهم قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام أعني هل ما تقرب به إبراهيم هو لازم للمسلمين أم ليس بلازم؟ فمن رأى أن ذلك شرع خص به إبراهيم قال: لا يلزم النذر ومن رأى أنه لازم لنا قال: النذر لازم. والخلاف في هل يلزمنا شرع من قبلنا مشهور لكن يتطرق إلى هذا خلاف آخر وهو أن الظاهر من هذا الفعل أنه كان الموطأ بإبراهيم ولم يكن شرعا لأهل زمانه وعلى هذا فليس ينبغي أن يختلف هل هو شرع لنا أم ليس بشرع؟ والذين قالوا إنه شرع إنما اختلفوا في الواجب في ذلك من قبل اختلافهم أيضا في هل يحمل الواجب في ذلك على الواجب على إبراهيم أم يحمل على غير ذلك من القرب الإسلامية وذلك إما صدقة بديته وإما حج به وإما هدي بدنة. وأما الذين قالوا مائة من الإبل فذهبوا إلى حديث عبد المطلب.
المسألة الخامسة : واتفقوا على أن من نذر أن يجعل ماله كله في سبيل الله أو في سبيل من سبل البر أنه يلزمه وأنه ليس ترفعه الكفارة وذلك إذا كان نذرا على جهة الخبر لا على جهة الشرط وهو الذي يسمونه يمينا. واختلفوا فيمن نذر ذلك على جهة الشرط مثل أن يقول: مالي للمساكين إن فعلت كذا ففعله فقال قوم: ذلك لازم كالنذر على جهة الخبر ولا كفارة فيه وهو مذهب مالك في النذور التي صيغها هذه الصيغة أعني أنه لا كفارة فيه وقال قوم: الواجب في ذلك كفارة يمين فقط وهو مذهب الشافعي في النذور التي مخرجها مخرج الشرط لأنه ألحقها بحكم الأيمان وأما مالك فألحقها بحكم النذور على ما تقدم من قولنا في كتاب الأيمان والذين اعتقدوا وجوب إخراج ماله في الموضع الذي اعتقدوه اختلفوا في الواجب عليه فقال مالك: يخرج ثلث ماله فقط وقال قوم: بل يجب عليه إخراج جميع ماله وبه قال إبراهيم النخعي وزفر وقال أبو حنيفة: يخرج جميع الأموال التي تجب الزكاة فيها,

الصفحة 427