أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ماذا ينقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال: "أربع" وكان البراء يشير بيده ويقول: يدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العرجاء البين عرجها والعوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقى" . وكذلك أجمعوا على أن ما كان من هذه الأربع خفيفا فلا تأثير له في منع الإجزاء. واختلفوا في موضعين: أحدهما فيما كان من العيوب أشد من هذه المنصوص عليها مثل العمى وكسر الساق. والثاني فيما كان مساويا لها في إفادة النقص وشينها أعني ما كان من العيوب في الأذن فتكون والذنب والضرس وغير ذلك من الأعضاء ولم يكن يسيرا. فأما الموضع الأول فإن الجمهور على أن ما كان أشد من هذه العيوب المنصوص عليها فهي أحرى أن تمنع الإجزاء وذهب أهل الظاهر إلى أنه لا تمنع الإجزاء. ولا يتجنب بالجملة أكثر من هذه العيوب التي وقع النص عليها. وسبب اختلافهم هل هذا اللفظ الوارد هو خاص أريد به الخصوص أو خاص أريد به العموم؟ فمن قال أريد به الخصوص ولذلك أخبر بالعدد قال: لا يمنع الإجزاء إلا هذه الأربعة فقط ومن قال هو خاص أريد به العموم وذلك من النوع الذي يقع فيه التنبيه بالأدنى على الأعلى قال: ما هو أشد من المنصوص عليها فهو أحرى أن لا يجزي. وأما الموضع الثاني أعني ما كان من العيوب في سائر الأعضاء مفيدا للنقص على نحو إفادة هذه العيوب المنصوص عليها له فإنهم اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها أنها تمنع الإجزاء كمنع المنصوص عليها وهو المعروف من مذهب مالك في الكتب المشهورة. والقول الثاني أنها لا تمنع الإجزاء وإن كان يستحب اجتنابها وبه قال ابن القصار وابن الجلاب وجماعة من البغداديين من أصحاب مالك. والقول الثالث أنها لا تمنع الإجزاء ولا يستحب تجنبها وهو قول أهل الظاهر. وسبب اختلافهم شيئان أحدهما اختلافهم في مفهوم الحديث المتقدم. والثاني تعارض الآثار في هذا الباب. أما الحديث المتقدم فمن رآه من باب الخاص أريد به الخاص قال: لا يمنع ما سوى الأربع مما هو مساو لها أو أكثر منها. وأما من رآه من باب الخاص أريد به العام وهم الفقهاء فمن كان عنده أنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى فقط لا من باب التنبيه بالمساوي على المساوي قال: يلحق بهذه