كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

الاختلاف راجع إلى ما قدمناه. واختلفوا في الأبتر فقوم أجازوه لحديث جابر الجعفي عن محمد بن قرظة عن أبي سعيد الخدري أنه قال: اشتريت كبشا لأضحي به فأكل الذئب ذنبه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ضح به" وجابر عند أكثر المحدثين لا يحتج به وقوم أيضا منعوه لحديث علي المتقدم. وأما المسألة الثالثة: وهي معرفة السن المشترطة في الضحايا فإنهم أجمعوا على أنه لا يجوز الجذع من المعز بل الثني فما فوقه لقوله عليه الصلاة والسلام لأبي بردة لما أمره بالإعادة: "يجزيك ولا يجزي جذع عن أحد غيرك" واختلفوا في الجذع من الضأن فالجمهور على جوازه وقال قوم: بل الثني من الضأن. وسبب اختلافهم معارضة العموم للخصوص فالخصوص هو حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن" خرجه مسلم. والعموم هو ما جاء في حديث أبي بردة بن نيار خرجه من قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك" فمن رجح هذا العموم على الخصوص وهو مذهب أبي محمد بن حزم في هذه المسألة لأنه زعم أن أبا الزبير مدلس ثم المحدثين والمدلس عندهم من ليس يجري العنعنة من قوله مجرى المسند لتسامحه في ذلك وحديث أبي بردة لا مطعن فيه. وأما من ذهب إلى بناء الخاص على العام على ما هو المشهور عند جمهور الأصوليين فإنه استثنى من ذلك العموم جذع الضأن المنصوص عليها وهو الأولى وقد صحح هذا الحديث أبو بكر بن صفور1 وخطأ أبا محمد بن حزم فيما نسب إلى أبي الزبير في غالب ظني في قول له رد فيه على ابن حزم.
وأما المسألة الرابعة : وهي عدد ما يجزي من الضحايا عن المضحين فإنهم اختلفوا في ذلك فقال مالك: يجوز أن يذبح الرجل الكبش أو البقرة أو البدنة مضحيا عن نفسه وعن أهل بيته الذين تلزمه نفقتهم بالشرع وكذلك عنده الهدايا وأجاز الشافعي وأبو حنيفة وجماعة أن ينحر الرجل البدنة عن سبع,
ـــــــ
1 هكذا بالأصل وليحرر.

الصفحة 433