كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

الباب الأول في معرفة العمل في هذه الطهارة
وهذا الباب يتعلق به أربع مسائل:
المسألة الأولى : اختلف العلماء هل من شرط هذه الطهارة إمرار اليد على جميع الجسد كالحال في طهارة أعضاء الوضوء أم يكفي فيها إفاضة الماء على جميع الجسد وإن لم يمر يديه على بدنه فأكثر العلماء على أن إفاضة الماء كافية في ذلك. وذهب مالك وجل أصحابه و المزني من أصحاب الشافعي إلى أنه إن فات المتطهر موضع واحد من جسده لم يمر يده عليه أن طهره لم يكمل بعد. والسبب في اختلافهم اشتراك اسم الغسل ومعارضة ظاهر الأحاديث الواردة في وذلك أن الأحاديث الثابتة التي وردت في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من حديث عائشة وميمونة ليس فيها ذكر التدلك وإنما فيها إفاضة الماء فقط. ففي حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يخلو بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ الدفع للصلاة ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات ثم يفيض الماء على جلده كله والصفة الواردة في حديث ميمونة المساجد من هذا إلا أنه أخر غسل رجليه من أعضاء الوضوء إلى آخر الطهر وفي حديث أم سلمة أيضا وقد سألته عليه الصلاة والسلام: هل تنقض ضفر رأسها لغسل الجنابة فقال عليه الصلاة والسلام: "إنما يكفيك أن تحثي على رأسك الماء ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فإذا أنت قد طهرت" وهو أقوى في إسقاط التدلك من تلك الأحاديث الأخر لأنه لا يمكن هنالك أن يكون الواصف لطهره قد ترك التدلك وأما هاهنا فإنما حصر لها شروط الطهارة ولذلك أجمع العلماء على أن صفة الطهارة الواردة من حديث ميمونة وعائشة هي أكمل صفاتها وأن ما ورد في حديث أم سلمة من ذلك فهو من أركانها الواجبة وأن الوضوء في أول الطهر ليس من شرط الطهر إلا خلافا شاذا روي عن الشافعي وفيه قوة من جهة ظواهر الأحاديث وفي قول الجمهور قوة من جهة النظر لأن

الصفحة 44