كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

في الوجوب فمصيرا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" .
المسألة الثانية: وأما استقبال القبلة بالذبيحة فإن قوما استحبوا ذلك وقوما أجازوا ذلك وقوما أوجبوه وقوما كرهوا أن لا يستقبل بها القبلة والكراهية والمنع موجودان في المذهب وهي مسألة مسكوت عنها والأصل فيها الإباحة إلا أن يدل الدليل على اشتراط ذلك وليس في الشرع شيء يصلح أن يكون أصلا تقاس عليه هذه المسألة إلا أن يستعمل فيها قياس مرسل وهو القياس الذي لا يستند إلى أصل مخصوص عند من أجازه أو قياس شبه بعيد وذلك أن القبلة هي جهة معظمة وهذه عبادة فوجب أن يشترط فيها الجهة لكن هذا ضعيف لأنه ليس كل عبادة تشترط فيها الجهة ما عدا الصلاة وقياس الذبح على الصلاة بعيد وكذلك قياسه على استقبال القبلة بالميت.
المسألة الثالثة : وأما اشتراط النية فيها فقيل في المذهب بوجوب ذلك ولا أذكر فيها خارج المذهب في هذا الوقت خلافا في ذلك ويشبه أن يكون في ذلك قولان: قول بالوجوب وقول بترك الوجوب فمن أوجب قال: عبادة لاشتراط الصفة فيها والعدد فوجب أن يكون من شرطها النية ومن لم يوجبها قال: فعل معقول يحصل عنه فوات النفس الذي هو المقصود منه فوجب أن لا تشترط فيها النية كما يحصل من غسل النجاسة إزالة عينها.
الباب الخامس فيمن تجوز تذكيته ومن لا تجوز
والمذكور في الشرع ثلاثة أصناف: صنف اتفق على جواز تذكيته وصنف اتفق على منع ذكاته وصنف اختلف فيه. فأما الصنف الذي اتفق على ذكاته فمن جمع خمسة شروط: الإسلام والذكورية والبلوغ والعقل وترك تضييع الصلاة. وأما الذي اتفق على منع تذكيته فالمشركون عبدة الأصنام لقوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} ولقوله: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} وأما الذين اختلف فيهم فأصناف كثيرة لكن المشهور منها عشرة: أهل الكتاب والمجوس والصابئون والمرأة والصبي والمجنون والسكران والذي يضيع الصلاة والسارق والغاصب. فأما أهل الكتاب فالعلماء مجمعون على جواز

الصفحة 449