أمسك على نفسه وإن خالطها كلاب غيرها فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره" وسأله عن المعراض فقال: "إذا أصاب بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ" وهذا الحديث هو أصل في أكثر ما في هذا الكتاب. والحديث الثاني حديث أبي ثعلبة الخشني وفيه من قوله عليه الصلاة والسلام: "ما أصبت بقوسك فسم الله ثم كل وما صدت بكلبك الذي ليس بمعلم وأدركت ذكاته فكل" وهذان الحديثان اتفق أهل الصحيح على إخراجهما. والآلات التي يصاد بها منها ما اتفقوا عليها بالجملة ومنها ما اختلفوا فيها وفي صفاتها وهي ثلاث: حيوان جارح ومحدد ومثقل. فأما المحدد فاتفقوا عليه كالرماح والسيوف والسهام للنص عليها في الكتاب والسنة وكذلك بما جرى مجراها مما يعقر ما عدا الأشياء التي اختلفوا في عملها في ذكاة الحيوان الإنسي وهي السن والظفر والعظم وقد تقدم اختلافهم في ذلك فلا معنى لإعادته. وأما المثقل فاختلفوا في الصيد به مثل الصيد بالمعراض والحجر فمن العلماء من لم يجز من ذلك إلا ما أدركت ذكاته ومنهم من أجازه على الإطلاق ومنهم من فرق بين ما قتله المعراض أو الحجر بثقله أو بحده إذا خرق جسد الصيد فأجازه إذا خرق إذا لم يخرق وبهذا القول قال مشاهير فقهاء الأمصار الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد والثوري وغيرهم وهو راجع إلى أنه لا ذكاة إلا بمحدد. وسبب اختلافهم معارضة الأصول في هذا الباب بعضها بعضا ومعارضة الأثر لها وذلك أن من الأصول في هذا الباب أن الوقيذ محرم بالكتاب والإجماع ومن أصوله أن العقر ذكاة الصيد فمن رأى أن ما قتل المعراض وقيذ منعه على الإطلاق ومن رآه عقرا مختصا بالصيد وأن الوقيذ غير معتبر فيه أجازه على الإطلاق ومن فرق بين ما خرق من ذلك أو لم يخرق فمصيرا إلى حديث عدي بن حاتم المتقدم وهو الصواب. وأما الحيوان الجارح فالاتفاق والاختلاف فيه منه متعلق بالنوع طاعة ومنه ما يتعلق بالشرط. فأما النوع الذي اتفقوا عليه فهو الكلاب ما عدا الكلب الأسود فإنه كرهه قوم منهم الحسن البصري