وإبراهيم النخعي وقتادة وقال أحمد: ما أعرف أحدا يرخص فيه إذا كان بهيما وبه قال إسحاق. وأما الجمهور فعلى إجازة صيده إذا كان معلما. وسبب اختلافهم معارضة القياس للعموم وذلك أن عموم قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} يقتضي تسوية جميع الكلاب في ذلك وأمره عليه الصلاة والسلام بقتل الكلب الأسود البهيم يقتضي في ذلك القياس أن لا يجوز اصطياده على رأي من رأى أن النهي يدل على فساد المنهي عنه. وأما الذي اختلفوا فيه من أنواع الجوارح فيما عدا الكلب ومن جوارح الطيور وحيواناتها الساعية فمنهم من إذا علمت حتى السنور كما قال ابن شعبان وهو مذهب مالك وأصحابه وبه قال فقهاء الأمصار وهو مروي عن ابن عباس أعني أن ما قبل التعليم من جميع الجوارح فهو آلة لذكاة الصيد. وقال قوم: لا اصطياد بجارح ما عدا الكلب لا باز ولا صقر ولا غير ذلك إلا ما أدركت ذكاته وهو قول مجاهد واستثنى بعضهم من الطيور الجارحة البازي فقط فقال: يجوز صيده وحده. وسبب اختلافهم في هذا الباب شيئان: أحدهما قياس سائر الجوارح على الكلاب وذلك أنه قد يظن أن النص إنما ورد في الكلاب أعني قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} إلا أن يتأول أن لفظة مكلبين مشتقة من كلب الجارح لا من لفظ الكلب ويدل على هذا عموم اسم الجوارح الذي في الآية فعلى هذا يكون سبب الاختلاف الاشتراك الذي في لفظة مكلبين. والسبب الثاني هل من شرط الإمساك الإمساك على صاحبه أم لا؟ وإن كان من شرطه فهل يوجد الكلب أو لا يوجد؟ فمن قال لا يقاس سائر الجوارح على الكلاب وأن لفظة مكلبين هي مشتقة من اسم الكلب لا من اسم غير الكلب أو أنه لا يوجد الإمساك إلا في الكلب: أعني على صاحبه وأن ذلك شرط قال: لا يصاد بجارح سوى الكلب ومن قاس على الكلب سائر الجوارح ولم يشترط في الإمساك الإمساك على صاحبه قال: يجوز صيد سائر الجوارح إذا قبلت التعليم. وأما من استثنى من ذلك البازي فقط فمصيرا إلى ما روي عن عدي بن حاتم أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي فقال: "ما أمسك عليك فكل" خرجه الترمذي فهذه اتفاقهم في أنواع الجوارح. وأما الشروط المشترطة