كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

في نازلة نازلة كاتفاق المالكية على أن من شرط الفعل أن يكون مبدؤه من الصائد واختلافهم إذا أفلت الجارح من يده أو خرج بنفسه ثم أغراه هل يجوز ذلك الصيد أم لا لتردد هذه الحال بين أن يوجد لها هذا الشرط أو لا يوجد كاتفاق أبي حنيفة ومالك على أن من شرطه إذا أدرك غير منفوذ المقاتل أن يذكى إذا قدر عليه قبل أن يموت. واختلافهم بين أن يخلصه حيا فيموت في يده قبل أن يتمكن من ذكاته فإن أبا حنيفة منع هذا وأجازه مالك ورآه مثل الأول أعني إذا لم يقدر على تخليصه من الجارح حتى مات لتردد هذه الحال بين أن يقال أدركه غير منفوذ المقاتل وفي غير يد الجارح فأشبه المفرط أو لم يشبهه فلم يقع منه تفريط. وإذا كانت هذه الشروط هي أصول الشروط المشترطة في الصيد مع سائر الشروط المذكورة في الآلة والصائد نفسه على ما سيأتي يجب أن يذكر منها ما اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه وأسباب الخلاف في ذلك وما يتفرع عنها من مشهور مسائلهم. فنقول: أما التسمية والنية فقد تقدم الخلاف فيهما وسببه في كتاب الذبائح ومن قبل اشتراط النية في الذكاة لم يجز عند من اشترطها إذا أرسل الجارح على صيد وأخذ آخر ذكاة ذلك الصيد الذي لم يرسل عليه وبه قال مالك وقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور: ذلك جائز ويؤكل ومن قبل هذا أيضا اختلف أصحاب مالك في الإرسال على صيد غير مرئي كالذي يرسل على ما في غيضة أو من وراء أكمة ولا يدري هل هنالك شيء أم لا؟ لأن القصد في هذا يشوبه شيء من الجهل. وأما الشرط الأول الخاص بذكاة الصيد من الشروط الستة التي ذكرناها وهو أن عقر الجارح له إذا لم ينفذ مقاتله إنما يكون إذا لم يدركه والجواب حيا فباشتراطه قال جمهور العلماء لما جاء في حديث عدي بن حاتم في بعض رواياته أنه قال عليه الصلاة والسلام: "وإن أدركته حيا فاذبحه" وكان النخعي يقول: إذا أدركته حيا ولم يكن معك حديدة فأرسل عليه الكلاب حتى تقتله وبه قال الحسن البصري مصيرا لعموم قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} ومن قبل هذا الشرط قال مالك: لا يتوانى المرسل في طلب الصيد فإن توانى فأدركه ميتا فإن كان منفوذ المقاتل بسهم حل

الصفحة 459