أكله وإلا لم يحل من أجل أنه لو لم يتوان لكان يمكن أن يدركه حيا غير منفوذ المقاتل. وأما الشرط الثاني وهو أن يكون الفعل مبدؤه من القانص ويكون متصلا حتى يصيب الصيد فمن قبل اختلافهم فيه اختلفوا فيما تصيبه الحبالة والشبكة إذا أنفذت المقاتل بمحدد فيها فمنع ذلك مالك والشافعي والجمهور ورخص فيه الحسن البصري ومن هذا الأصل لم يجز مالك الصيد الذي أرسل عليه الجارح فتشاغل بشيء آخر ثم عاد إليه من قبل نفسه. وأما الشرط الثالث وهو أن لا يشاركه في العقر من ليس عقره ذكاة له فهو شرط مجمع عليه فيما أذكر لأنه لا يدري من قتله. وأما الشرط الرابع وهو أن لا يشك في عين الصيد ولا في قتل جارحه له فمن قبل ذلك اختلفوا في أكل الصيد إذا غاب مصرعه فقال مالك مرة: لا بأس بأكل الصيد إذا غاب عنك مصرعه إذا وجدت به أثرا من كلبك أو كان به سهمك ما لم يبت فإذا بات فإني أكرهه وبالكراهية قال الثوري وقال عبد الوهاب: إذا بات الصيد من الجارح لم يؤكل وفي السهم خلاف وقال ابن الماجشون: يؤكل فيهما جميعا إذا وجد منفوذ المقاتل وقال مالك في المدونة: لا يؤكل فيهما جميعا إذا بات وإن وجد منفوذ المقاتل وقال الشافعي: القياس أن لا تأكله إذا غاب عنك مصرعه وقال أبو حنيفة: إذا توارى الصيد والكلب في طلبه فوجده والجواب مقتولا جاز أكله ما لم يترك الكلب الطلب فإن تركه كرهنا أكله. والسبب الثاني اختلاف الآثار في هذا الباب فروى مسلم والنسائي والترمذي وأبو داود عن أبي ثعلبة عن النبي عليه الصلاة والسلام في الذي يدرك صيده بعد ثلاث فقال: "كل ما لم ينتن" وروى مسلم عن أبي ثعلبة أيضا عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "إذا رميت سهمك فغاب عنك مصرعه فكل ما لم يبت" وفي حديث عدي بن حاتم أنه قال عليه الصلاة والسلام: "إذا وجدت سهمك فيه ولم تجد فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكل" . ومن هذا الباب اختلافهم في الصيد يصاد بالسهم أو يصيبه الجارح فيسقط في ماء أو يتردى من مكان عال فقال مالك: لا يؤكل لأنه