كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

لا يدرى من أي الأمرين مات ألا أن يكون السهم قد أنفذ مقاتله ولا يشك أن منه مات وبه قال الجمهور وقال أبو حنيفة: لا يؤكل إن وقع في ماء منفوذ المقاتل ويؤكل إن تردى. وقال عطاء: لا يؤكل أصلا إذا أصيبت المقاتل وقع في ماء أو تردى من موضع عال لإمكان أن يكون زهوق نفسه من قبل التردي أو من الماء قبل زهوقها من قبل إنفاذ المقاتل. وأما موته من صدم الجارح له فإن ابن القاسم منعه قياسا على المثقل وأجازه أشهب لعموم قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} ولم يختلف المذهب أن ما مات من خوف الجارح أنه غير مذكى. وأما كونه في حين الإرسال غير مقدور عليه فإنه شرط فيما علمت متفق عليه. وذلك يوجد إذا كان الصيد مقدورا على أخذه باليد دون خوف أو غرر. إما من قبل أنه قد نشب في شيء أو تعلق بشيء أو رماه أحد فكسر جناحه أو ساقه وفي هذا الباب فروع كثيرة من قبل تردد بعض الأحوال بين أن يوصف فيها الصيد بأنه مقدور عليه مقدور عليه مثل أن تضطره الكلاب فيقع في حفرة فقيل في المذهب يؤكل وقيل لا يؤكل. واختلفوا في صفة العقر إذا ضرب الصيد فأبين منه عضو فقال قوم: يؤكل الصيد إلا ما بان منه وقال قوم: يؤكلان جميعا وفرق قوم بين أن يكون ذلك العضو مقتلا أو غير مقتل فقالوا: إن كان مقتلا أكلا جميعا وإن كان غير مقتل أكل الصيد ولم يؤكل العضو وهو معنى قول مالك: وإلى هذا يرجع خلافهم في أن يكون القطع بنصفين أو يكون أحدهما أكبر من الثاني. وسبب اختلافهم معارضة قوله عليه الصلاة والسلام: "ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة" لعموم قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} ولعموم قوله تعالى: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} فمن غلب حكم الصيد وهو العقر مطلقا قال: يؤكل الصيد والعضو المقطوع من الصيد وحمل الحديث على الإنسي ومن حمله على الوحشي والإنسي معا واستثنى من ذلك العموم بالحديث العضو المقطوع فقال:يؤكل الصيد دون العضو البائن ومن اعتبر في ذلك الحياة المستقرة أعني في قوله وهي حية فرق بين أن يكون العضو مقتلا أو غير مقتل.

الصفحة 461