كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

مفهوم الخطاب فيها أن المباح في البغال إنما هو الركوب مع قياس البغل أيضا على الحمار. وأما سبب اختلافهم في الخيل فمعارضة دليل الخطاب في هذه الآية لحديث جابر ومعارضة قياس الفرس على البغل والحمار له لكن إباحة لحم الخيل نص في حديث جابر فلا ينبغي أن يعارض بقياس ولا بدليل خطاب.
وأما المسألة الثالثة : وهي اختلافهم في الحيوان المأمور بقتله في الحرم وهي الخمس المنصوص عليها: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور فإن قوما فهموا من الأمر بالقتل لها مع النهي عن قتل البهائم المباحة الأكل أن العلة في ذلك هو وهو مذهب الشافعي وقوما فهموا من ذلك معنى التعدي لا معنى التحريم وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وجمهور أصحابهما. وأما الجنس الرابع وهو الذي تستخبثه النفوس كالحشرات والضفادع والسرطانات والسلحفاة وما في معناها فإن الشافعي حرمها وأباحها الغير ومنهم من كرهها فقط. وسبب اختلافهم اختلافهم في مفهوم ما ينطلق عليه اسم الخبائث في قوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} فمن رأى أنها المحرمات بنص الشرع لم يحرم من ذلك ما تستخبثه النفوس مما لم يرد فيه نص ومن رأى أن الخبائث هي ما تستخبثه النفوس قال: هي محرمة. وأما ما حكاه أبو حامد عن الشافعي الحيوان المنهي عن قتله كالخطاف والنحل زعم فإني لست أدري أين وقعت الآثار الواردة في ذلك ولعلها في غير الكتب المشهورة عندنا. وأما الحيوان البحري فإن العلماء أجمعوا على تحليل ما لم يكن منه موافقا بالاسم لحيوان في البر محرم فقال مالك: لا بأس بأكل جميع حيوان البحر إلا أنه كره خنزير الماء وقال: أنتم تسمونه خنزيرا وبه قال ابن أبي ليلى والأوزاعي ومجاهد وجمهور العلماء إلا أن منهم من يشترط في غير السمك التذكية وقد تقدم ذلك. وقال الليث بن سعد: أما إنسان الماء وخنزير الماء فلا يؤكلان على شيء من الحالات. وسبب اختلافهم هو هل يتناول لغة أو شرعا اسم الخنزير والإنسان خنزير الماء وإنسانه وعلى هذا يجب أن يتطرق الكلام إلى كل حيوان في البحر مشارك بالاسم في اللغة أو في العرف لحيوان محرم في البر مثل الكلب عند من والنظر في هذه المسألة يرجع إلى أمرين: أحدهما هل هذه الأسماء لغوية؟ والثاني هل للاسم المشترك

الصفحة 470