كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

رأى أنه ينطلق على خروج المني كيفما خرج أوجب منه الطهر وإن لم يخرج من لذة. والسبب الثاني تشبيه خروجه بغير لذة بدم الاستحاضة واختلافهم في خروج الدم على جهة الاستحاضة هل يوجب طهرا أم ليس يوجبه؟ فسنذكره في باب الحيض وإن كان من هذا الباب.
وفي المذهب في هذا الباب فرع وهو إذا انتقل من أصل مجاريه بلذة ثم خرج في وقت آخر بغير لذة مثل أن يخرج من المجامع بعد أن يتطهر هذا النوع من الخروج صحبته اللذة في بعض نقلته ولم تصحبه في بعض فمن غلب حال اللذة قال: يجب الطهر ومن غلب حال عدم اللذة قال: لا يجب عليه الطهر.
الباب الثالث في أحكام هذين الحدثين أعني الجنابة والحيض
أما أحكام الحدث الذي هو الجنابة ففيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى : اختلف العلماء في دخول المسجد للجنب على ثلاثة أقوال: فقوم منعوا ذلك بإطلاق وهو مذهب مالك وأصحابه وقوم منعوا ذلك إلا لعابر فيه لا مقيم ومنهم الشافعي وقوم أباحوا ذلك للجميع ومنهم داود وأصحابه فيما أحسب. وسبب اختلاف الشافعي وأهل الظاهر هو تردد قوله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية. بين أن يكون في الآية مجاز حتى يكون هناك محذوف مقدر وهو موضع الصلاة: أي لا تقربوا موضع الصلاة ويكون عابر السبيل استثناء من النهي عن قرب موضع الصلاة وبين ألا يكون هنالك محذوف أصلا وتكون الآية على حقيقتها ويكون عابر السبيل هو المسافر الذي عدم الماء وهو جنب فمن رأى أن في الآية محذوفا أجاز المرور للجنب في المسجد ومن لم ير ذلك لم يكن عنده في الآية دليل على منع الجنب الإقامة في المسجد وأما من منع العبور في المسجد فلا أعلم له دليلا إلا ظاهر ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ولا أحل المسجد لجنب ولا حائض" وهو حديث غير ثابت عند أهل الحديث واختلافهم في الحائض في هذا المعنى هو اختلافهم في الجنب.

الصفحة 48