كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

بثلاثة أيام فإن لم ينقطع الدم فهي مستحاضة. وأما المعتادة ففيها روايتان عن مالك: إحداهما بناؤها على عادتها وزيادة ثلاثة أيام ما لم تتجاوز أكثر مدة الحيض. والثانية جلوسا إلى انقضاء أكثر مدة الحيض أو تعمل على التمييز إن كانت من أهل التمييز. وقال الشافعي: تعمل على أيام عادتها وهذه الأقاويل كلها المختلف فيها عند الفقهاء في أقل الحيض وأكثره وأقل الطهر لا مستند لها إلا التجربة والعادة وكل إنما قال من ذلك ما ظن أن التجربة أوقفته على ذلك ولاختلاف ذلك في النساء عسر أن يعرف بالتجربة حدود هذه الأشياء في أكثر النساء ووقع في ذلك هذا الخلاف الذي ذكرنا وإنما أجمعوا بالجملة على أن الدم إذا تمادى أكثر من مدة الحيض أنه استحاضة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت لفاطمة بنت أبي حبيش: "فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي" والمتجاوزة لأمد أكثر أيام الحيض قد ذهب عنها قدرها ضرورة وإنما صار الشافعي ومالك رحمه الله في المعتادة في إحدى الروايتين عنه إلى أنها تبني على عادتها لحديث أم سلمة الذي رواه في الموطأ أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لتنظر إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصلي" فألحقوا حكم الحائض التي تشك في الاستحاضة بحكم المستحاضة التي تشك في الحيض. وإنما رأى أيضا في المبتدأة أن يعتبر أيام ولادتها لأن أيام ولادتها شبيهة بأيامها فجعل حكمهما واحدا. وأما الاستظهار الذي قال به مالك بثلاثة أيام, فهو شيء انفرد به مالك وأصحابه رحمهم الله وخالفهم في ذلك جميع فقهاء الأمصار ما عدا الأوزاعي, إذ لم يكن لذلك ذكر في الأحاديث الثابتة وقد روي في ذلك أثر ضعيف.
المسألة الثانية : ذهب مالك وأصحابه في الحائض التي تنقطع حيضتها,

الصفحة 51