وأم سلمة أنه عليه الصلاة والسلام كان يأمر إذا كانت إحداهن حائضا أن تشد عليها إزارها ثم يباشرها. وورد أيضا من حديث ثابت بن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اصنعوا كل شيء بالحائض إلا النكاح" وذكر أبو داود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها وهي حائض: "اكشفي عن فخذك" قالت: فكشفت فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفئ وكان قد أوجعه البرد. وأما الاحتمال الذي في آية الحيض فهو تردد قوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} بين أن يحمل على عمومه إلا ما خصصه الدليل أو أن يكون من باب العام أريد به الخاص بدليل قوله تعالى فيه: {قُلْ هُوَ أَذىً} والأذى إنما يكون في موضع الدم فمن كان المفهوم منه عنده العموم أعني أنه إذا كان الواجب عنده أن يحمل هذا القول على عمومه حتى يخصصه الدليل استثنى من ذلك ما فوق الإزار بالسنة إذ المشهور جواز تخصيص الكتاب بالسنة عند الأصوليين ومن كان عنده من باب العام أريد به الخاص رجح هذه الآية على الآثار المانعة مما تحت الإزار وقوى ذلك عنده بالآثار المعارضة للآثار المانعة مما تحت الإزار الجمع بين هذه الآثار وبين مفهوم الآية على هذا المعنى الذي نبه عليه الخطاب الوارد فيها وهو كونه أذى فحمل أحاديث المنع لما تحت الإزار على الكراهية وأحاديث الإباحة ومفهوم الآية على الجواز ورجحوا تأويلهم هذا بأنه قد دلت السنة أنه ليس من جسم الحائض شيء نجس إلا موضع الدم وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عائشة أن تناوله الخمرة وهي حائض فقالت: إني حائض فقال عليه الصلاة والسلام: "إن حيضتك ليست في يدك" وما ثبت أيضا من ترجيلها رأسه عليه الصلاة والسلام وهي حائض وقوله عليه الصلاة والسلام: "إن المؤمن لا ينجس" .
المسألة الثانية : اختلفوا في وطء الحائض في طهرها وقبل الاغتسال فذهب مالك والشافعي والجمهور إلى أن ذلك لا يجوز حتى تغتسل وذهب