لم يوجب ذلك عليها وأما من ذهب مذهب البناء فقال: إنه ليس بين حديث فاطمة وحديث أم حبيبة الذي من رواته ابن إسحاق تعارض أصلا وأن الذي في حديث أم حبيبة من ذلك زيادة على ما في حديث فاطمة فإن حديث فاطمة إنما وقع الجواب فيه عن السؤال هل ذلك الدم حيض يمنع الصلاة أم لا؟ فأخبرها عليه الصلاة والسلام أنها ليست بحيضة تمنع الصلاة ولم يخبرها بوجوب الطهر أصلا لكل صلاة إلا عند انقطاع دم الحيض وفي حديث أم حبيبة أمرها بشيء واحد وهو التطهر لكل صلاة لكن للجمهور أن يقولوا إن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فلو كان واجبا عليها الطهر لكل صلاة لأخبرها بذلك ويبعد أن يدعي مدع أنها كانت تعرف ذلك مع أنها كانت تجهل الفرق بين الاستحاضة والحيض. وأما تركه عليه الصلاة والسلام إعلامها بالطهر الواجب عليها عند انقطاع دم الحيض فمضمن في قوله: "إنها ليست بالحيضة" لأنه كان معلوما من سنته عليه الصلاة والسلام أن انقطاع الحيض يوجب الغسل فإذا إنما لم يخبرها بذلك لأنها كانت عالمة به وليس الأمر كذلك في وجوب الطهر لكل صلاة إلا أن يدعي مدع أن هذه الزيادة لم تكن قبل ثابتة وتثبت بعد فيتطرق إلى ذلك المسألة المشهورة هل الزيادة نسخ أم لا؟ وقد روي في بعض طرق حديث فاطمة أمره عليه الصلاة والسلام لها بالغسل فهذا هو حال من ذهب مذهب الترجيح ومذهب البناء. وأما من ذهب مذهب النسخ فقال: إن حديث أسماء بنت عميس ناسخ لحديث أم حبيبة واستدل على ذلك بما روي عن عائشة أن سهلة بنت سهيل استحيضت وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرها بالغسل عند كل صلاة فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر في غسل واحد والمغرب والعشاء في غسل واحد وتغتسل ثالثا للصبح وأما الذين ذهبوا مذهب الجمع فقالوا: إن حديث فاطمة ابنة أبي حبيش محمول على التي تعرف أيام الحيض من أيام الاستحاضة وحديث أم حبيبة محمول على التي لا تعرف ذلك فأمرت بالطهر في كل وقت احتياطا للصلاة وذلك أن هذه إذا قامت إلى الصلاة يحتمل أن تكون طهرت فيجب عليها أن تغتسل لكل صلاة. وأما حديث أسماء فمحمول على التي لا يتميز لها أيام الحيض من أيام الاستحاضة إلا أنه قد ينقطع عنها في أوقات فهذه إذا انقطع عنها الدم