الباب الأول في معرفة الطهارة التي هذه الطهارة بدل منها
اتفق العلماء على أن هذه الطهارة هي بدل من هذه الطهارة الصغرى واختلفوا في الكبرى فروي عن عمر وابن مسعود أنهما كانا لا يريانها بدلا من الكبرى وكان علي وغيره من أن التيمم يكون بدلا من الطهارة الكبرى وبه قال عامة الفقهاء. والسبب في اختلافهم الاحتمال الوارد في آية التيمم وأنه لم تصح عندهم الآثار الواردة بالتيمم للجنب أما الاحتمال الوارد في الآية فلأن قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} يحتمل أن يعود الضمير الذي فيه على المحدث حدثا أصغر فقط ويحتمل أن يعود عليهما معا لكن من كانت الملامسة عنده في الآية الجماع فالأظهر أنه عائد عليهما معا ومن كانت الملامسة عنده هي اللمس باليد أعني في قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} فالأظهر أنه إنما يعود الضمير عنده على المحدث حدثا أصغر فقط إذ كانت الضمائر إنما يحمل أبدا عودها على أقرب مذكور إلا أن يقدر في الآية تقديما وتأخيرا حتى يكون تقديرها هكذا يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا: وإن كنتم مرضى أو على سفر فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا. ومثل هذا ليس ينبغي أن يصار إليه إلا بدليل فإن التقديم والتأخير مجاز وحمل الكلام على الحقيقة أولى من حمله على المجاز وقد يظن أن في الآية شيئا يقتضي تقديما وتأخيرا وهو أن حملها على ترتيبها يوجب أن المرض والسفر حدثان لكن هذا لا يحتاج إليه إذا قدرت أو هاهنا بمعنى الواو وذلك موجود في كلام العرب في مثل قول الشاعر:
وكان سيان أن لا يسرحوا نعما ... أو يسرحوه بها واغبرت السرح
فإنه إنما يقال: سيان زيد وعمرو. وهذا هو أحد الأسباب التي أوجبت الخلاف في هذه المسألة. وأما ارتيابهم في الآثار التي وردت في هذا المعنى فبين مما خرجه البخاري ومسلم: أن رجلا أتى عمر رضي الله عنه فقال:
الباب الأول في معرفة الطهارة التي هذه الطهارة بدل منها
اتفق العلماء على أن هذه الطهارة هي بدل من هذه الطهارة الصغرى واختلفوا في الكبرى فروي عن عمر وابن مسعود أنهما كانا لا يريانها بدلا من الكبرى وكان علي وغيره من أن التيمم يكون بدلا من الطهارة الكبرى وبه قال عامة الفقهاء. والسبب في اختلافهم الاحتمال الوارد في آية التيمم وأنه لم تصح عندهم الآثار الواردة بالتيمم للجنب أما الاحتمال الوارد في الآية فلأن قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} يحتمل أن يعود الضمير الذي فيه على المحدث حدثا أصغر فقط ويحتمل أن يعود عليهما معا لكن من كانت الملامسة عنده في الآية الجماع فالأظهر أنه عائد عليهما معا ومن كانت الملامسة عنده هي اللمس باليد أعني في قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} فالأظهر أنه إنما يعود الضمير عنده على المحدث حدثا أصغر فقط إذ كانت الضمائر إنما يحمل أبدا عودها على أقرب مذكور إلا أن يقدر في الآية تقديما وتأخيرا حتى يكون تقديرها هكذا يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا: وإن كنتم مرضى أو على سفر فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا. ومثل هذا ليس ينبغي أن يصار إليه إلا بدليل فإن التقديم والتأخير مجاز وحمل الكلام على الحقيقة أولى من حمله على المجاز وقد يظن أن في الآية شيئا يقتضي تقديما وتأخيرا وهو أن حملها على ترتيبها يوجب أن المرض والسفر حدثان لكن هذا لا يحتاج إليه إذا قدرت أو هاهنا بمعنى الواو وذلك موجود في كلام العرب في مثل قول الشاعر:
وكان سيان أن لا يسرحوا نعما ... أو يسرحوه بها واغبرت السرح
فإنه إنما يقال: سيان زيد وعمرو. وهذا هو أحد الأسباب التي أوجبت الخلاف في هذه المسألة. وأما ارتيابهم في الآثار التي وردت في هذا المعنى فبين مما خرجه البخاري ومسلم: أن رجلا أتى عمر رضي الله عنه فقال: