الباب الثالث في معرفة شروط جواز هذه الطهارة
وأما معرفة شروط هذه الطهارة فيتعلق بها ثلاث مسائل قواعد: إحداها: هل النية من شرط هذه الطهارة أم لا؟. والثانية: هل الطلب شرط في جواز التيمم عند عدم الماء أم لا؟ والثالثة: هل دخول الوقت شرط في جواز التيمم أم لا؟.
أما المسألة الأولى : فالجمهور على أن النية فيها شرط لكونها عبادة غير معقولة المعنى وشذ زفر فقال: إن النية ليست بشرط فيها وأنها لا تحتاج إلى نية وقد روي ذلك أيضا عن الأوزاعي والحسن بن حي وهو ضعيف.
وأما المسألة الثانية : فإن مالكا رضي الله عنه اشترط الطلب وكذلك الشافعي ولم يشترطه أبو حنيفة. سبب اختلافهم في هذا هو هل يسمى من لم يجد الماء دون واجد للماء أم ليس واجد للماء إلا إذا طلب الماء فلم يجده؟ لكن الحق في هذا أن يعتقد أن المتيقن لعدم الماء إما بطلب متقدم وإما بغير ذلك هو عادم للماء وأما الظان فليس بعادم للماء ولذلك يضعف القول بتكرر الطلب الذي في المذهب في المكان الواحد بعينه ويقوى اشتراطه ابتداء إذا لم يكن هنالك علم قطعي بعدم الماء.
وأما المسألة الثالثة : وهو اشتراط دخول الوقت فمنهم من اشترطه وهو مذهب الشافعي ومالك ومنهم من لم يشترطه وبه قال أبو حنيفة وأهل الظاهر وابن شعبان من أصحاب مالك. وسبب اختلافهم هو: هل ظاهر مفهوم آية الوضوء يقتضي أن لا يجوز التيمم والوضوء إلا عند دخول الوقت لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} الآية فأوجب الوضوء والتيمم عند وجوب القيام إلى الصلاة وذلك إذا دخل الوقت فوجب لهذا أن يكون حكم الوضوء والتيمم في هذا حكم الصلاة أعني أنه كما أن الصلاة من شرط صحتها الوقت كذلك من شروط صحة الوضوء