محتمل فإنه يمكن أن يقال: إن قوله عليه الصلاة والسلام: "ما لم يجد الماء" يمكن أن يفهم منه فإذا وجد الماء انقطعت هذه الطهارة وارتفعت ويمكن أن يفهم منه: فإذا وجد الماء لم تصح ابتداء هذه الطهارة والأقوى في عضد الجمهور هو حديث أبي سعيد الخدري وفيه أنه عليه الصلاة والسلام قال: "فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك" فإن الأمر محمول عند جمهور المتكلمين على الفور وإن كان أيضا قد يتطرق إليه الاحتمال المتقدم فتأمل هذا. وقد حمل الشافعي تسليمه أن وجود الماء يرفع هذه الطهارة أن قال: إن التيمم ليس رافعا للحدث: أي ليس مفيدا للمتيمم الطهارة الرافعة للحدث وإنما هو مبيح للصلاة فقط مع بقاء الحدث وهذا لا معنى له فإن الله قد سماه طهارة وقد ذهب قوم من أصحاب مالك هذا المذهب فقالوا: إن التيمم لا يرفع الحدث لأنه لو رفعه لم ينقضه إلا الحدث. والجواب أن هذه الطهارة وجود الماء في حقها هو حدث خاص بها على القول بأن الماء ينقضهما واتفق القائلون بأن وجود الماء ينقضها على أنه ينقضها قبل الشروع في الصلاة وبعد الصلاة واختلفوا هل ينقضها طروه في الصلاة؟ فذهب مالك والشافعي وداود إلى أنه لا ينقض الطهارة في الصلاة وذهب أبو حنيفة وأحمد وغيرهما إلى أنه ينقض الطهارة في الصلاة وهم أحفظ للأصل لأنه أمر غير مناسب للشرع أن يوجد شيء واحد لا ينقض الطهارة في الصلاة وينقضها في غير الصلاة وبمثل هذا شنعوا على مذهب أبي حنيفة فيما يراه من أن الضحك في الصلاة ينقض الوضوء مع أنه مستند في ذلك إلى الأثر فتأمل هذه المسألة فإنها بينة ولا حجة في الظواهر التي يرام الاحتجاج بها لهذا المذهب من قوله تعالى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} فإن هذا لم يبطل الصلاة بإرادته وإنما أبطلها طرو الماء كما لو أحدث.
الباب السابع في الأشياء التي هذه الطهارة شرط في صحتها أو في استباحتها
واتفق الجمهور على أن الأفعال التي هذه الطهارة شرط في صحتها هي الأفعال التي الوضوء شرط في صحتها من الصلاة ومس المصحف وغير ذلك,