كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

أعني أن يعود على البحر أو على الصيد نفسه فمن أعاده على البحر قال طعامه هو الطافي ومن أعاده على الصيد قال هو الذي أحل فقط من صيد البحر مع أن الكوفيين أيضا تمسكوا في ذلك بأثر ورد فيه تحريم الطافي من السمك وهو عندهم ضعيف.
المسألة الثانية : وكما اختلفوا في أنواع الميتات كذلك اختلفوا في أجزاء ما اتفقوا عليه أنه ميتة وذلك أنهم اتفقوا على أن اللحم من أجزاء الميتة ميتة. واختلفوا في العظام والشعر فذهب الشافعي إلى أن العظم والشعر ميتة وذهب أبو حنيفة إلى أنهما ليسا بميتة وذهب مالك للفرق بين الشعر والعظم فقال: إن العظم ميتة وليس الشعر ميتة. وسبب اختلافهم هو اختلافهم فيما ينطلق عليه اسم الحياة من أفعال الأعضاء. فمن رأى أن النمو والتغذي هو من أفعال الحياة قال: إن الشعر والعظام إذا فقدت النمو والتغذي فهي ميتة. ومن رأى أنه لا ينطلق اسم الحياة إلا على الحس قال: إن الشعر والعظام ليست بميتة لأنها لا حس لها. ومن فرق بينهما أوجب للعظام الحس ولم يوجب للشعر. وفي حس العظام اختلاف والأمر مختلف فيه بين الأطباء ومما يدل على أن التغذي والنمو ليسا هما الحياة التي يطلق على عدمها اسم الميتة أن الجميع قد اتفقوا على أن ما قطع من البهيمة وهي حية أنه ميتة لورود ذلك في الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة" واتفقوا على أن الشعر إذا قطع من الحي أنه طاهر ولو انطلق اسم الميتة على من فقد التغذي والنمو لقيل في النبات المقلوع إنه ميتة وذلك أن النبات فيه التغذي الموت هو التغذي الموجود في الحساس.
المسألة الثالثة : اختلفوا في الانتفاع بجلود الميتة فذهب قوم إلى الانتفاع بجلودها مطلقا دبغت أو لم تدبغ وذهب قوم إلى خلاف هذا وهو ألا ينتفع به أصلا وإن دبغت وذهب قوم إلى الفرق بين أن تدبغ وألا تدبغ ورأوا أن الدباغ مطهر لها وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وعن مالك في ذلك روايتان إحداهما مثل قول الشافعي والثانية أن الدباغ لا يطهرها,

الصفحة 78