كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

هو اختلافهم في ميتته فمن جعل ميتته داخلة تحت عموم التحريم جعل دمه كذلك ومن أخرج ميتته أخرج دمه قياسا على الميتة وفي ذلك أثر ضعيف وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "أحلت لنا ميتتان ودمان الجراد والحوت والكبد والطحال" . وأما اختلافهم في كثير الدم وقليله فسببه اختلافهم في القضاء بالمقيد على المطلق أو بالمطلق على المقيد وذلك أنه ورد تحريم الدم مطلقا في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} وورد مقيدا في قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} إلى قوله: {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} فمن قضى بالمقيد على المطلق وهم الجمهور قال المسفوح هو النجس المحرم فقط ومن قضى بالمطلق على المقيد لأن فيه زيادة قال: المسفوح وهو الكثير وغير المسفوح وهو القليل كل ذلك حرام وأيد هذا بأن كل ما هو نجس لعينه فلا يتبعض.
المسألة الخامسة : اتفق العلماء على نجاسة بول ابن آدم ورجيعه إلا بول الصبي الرضيع واختلفوا فيما سواه من الحيوان فذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أنها كلها نجسة. وذهب قوم إلى طهارتها بإطلاق أعني فضلتي سائر الحيوان البول والرجيع. وقال قوم: أبوالها وأرواثها تابعة للحومها فما كان منها فأبوالها وأرواثها وما كان منها لحومها مأكولة فأبوالها وأرواثها طاهرة ما عدا التي تأكل النجاسة وما كان منها مكروها فأبوالها وأرواثها مكروهة وبهذا قال مالك كما قال أبو حنيفة بذلك في الأسآر. وسبب اختلافهم شيئان: أحدهما اختلافهم في مفهوم الإباحة الواردة في الصلاة في مرابض الغنم وإباحته عليه الصلاة والسلام للعرنيين شرب أبوال الإبل وألبانها وفي مفهوم النهي عن الصلاة في أعطان الإبل. والسبب الثاني اختلافهم في قياس سائر الحيوان في ذلك على الإنسان فمن قاس سائر الحيوان على الإنسان ورأى أنه من باب قياس الأولى والأخرى ولم يفهم من إباحة الصلاة في مرابض الغنم طهارة أرواثها وأبوالها جعل ذلك عبادة ومن فهم من للعرنيين أبوال الإبل لمكان المداواة على أصله في إجازة ذلك قال: كل رجيع وبول

الصفحة 80