المسألة السابعة : اختلفوا في المني: هل هو نجس أم لا؟ فذهبت طائفة منهم مالك وأبو حنيفة إلى أنه نجس وذهبت طائفة إلى أنه طاهر وبهذا قال الشافعي وأحمد وداود وسبب اختلافهم فيه شيئان: أحدهما اضطراب الرواية في حديث عائشة وذلك أن في بعضها كنت أغسل ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المني فيخرج إلى الصلاة وإن فيه لبقع الماء, وفي بعضها كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفي بعضها فيصلي فيه, خرج هذه الزيادة مسلم. والسبب الثاني تردد المني بين أن يشبه بالأحداث الخارجة من البدن وبين أن يشبه بخروج الفضلات الطاهرة كاللبن وغيره فمن جمع الأحاديث كلها بأن حمل الغسل على باب النظافة واستدل من الفرك على الطهارة على أصله في أن الفرك لا يطهر نجاسة وقاسه على اللبن وغيره من الفضلات الشريفة لم يره نجسا ومن رجح حديث الغسل على الفرك وفهم منه النجاسة وكان بالأحداث عنده أشبه منه مما ليس بحدث قال: إنه نجس وكذلك أيضا من اعتقد أن النجاسة ينعقد بالفرك قال: الفرك يدل على نجاسته كما يدل الغسل وهو مذهب أبي حنيفة وعلى هذا فلا حجة لأولئك في قولها فيصلي فيه بل فيه حجة لأبي حنيفة في أن النجاسة تزال بغير الماء وهو خلاف قول المالكية.
الباب الثالث في معرفة المحال التي يجب إزالتها عنها
وأما المحال التي تزال عنها النجاسات فثلاثة ولا خلاف في ذلك: أحدها الأبدان ثم الثياب ثم المساجد ومواضع الصلاة. وإنما اتفق العلماء على هذه الثلاثة لأنها منطوق بها في الكتاب والسنة. أما الثياب ففي قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} على مذهب من حملها على الحقيقة وفي الثابت من أمره عليه الصلاة والسلام بغسل الثوب من دم الحيض وصبه الماء على بول الصبي الذي بال عليه وأما المساجد فلأمره عليه الصلاة والسلام بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابي الذي بال في المسجد وكذلك ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمر بغسل المذي من البدن وغسل النجاسات من المخرجين واختلف