كتاب بداية المجتهد - ط الحلبي (اسم الجزء: 1)

غير مفتقرة إلى النية والوضوء فيه شبه من العبادتين ولذلك وقع الخلاف فيه وذلك أنه يجمع عبادة ونظافة والفقه أن ينظر بأيهما هو أقوى شبها فيلحق به.
المسألة الثانية من الأحكام : اختلف الفقهاء في غسل اليد قبل إدخالها في إناء الوضوء فذهب قوم إلى أنه من سنن الوضوء بإطلاق وإن تيقن طهارة اليد وهو مشهور مذهب مالك والشافعي. وقيل إنه مستحب للشاك في طهارة يده وهو أيضا مروي عن مالك. وقيل إن غسل اليد واجب على المنتبه من النوم وبه قال داود وأصحابه. وفرق قوم بين نوم الليل ونوم النهار فأوجبوا ذلك في نوم الليل ولم يوجبوه في نوم النهار وبه قال أحمد فتحصل في ذلك أربعة أقوال: قول إنه سنة بإطلاق, وقول إنه استحباب للشاك وقول إنه واجب على المنتبه من النوم وقول إنه واجب على المنتبه من نوم الليل دون نوم النهار والسبب في اختلافهم في ذلك اختلافهم في مفهوم الثابت من حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها الإناء فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" وفي بعض رواياته "فليغسلها ثلاثا" فمن لم ير بين الزيادة الواردة في هذا الحديث على ما في آية الوضوء معارضة وبين آية الوضوء حمل لفظ الأمر ها ههنا على ظاهره من الوجوب وجعل ذلك فرضا من فروض الوضوء ومن فهم من هؤلاء من لفظ البيات نوم الليل أوجب ذلك من نوم الليل فقط ومن لم يفهم منه ذلك وإنما فهم منه النوم فقط أوجب ذلك على كل مستيقظ من النوم نهارا أو ليلا ومن رأى أن بين هذه الزيادة والآية تعارضا إذ كان ظاهر الآية المقصود منه حصر فروض الوضوء كان وجه الجمع بينهما عنده أن يخرج لفظ الأمر عن ظاهره الذي هو الوجوب إلى الندب ومن تأكد عنده هذا الندب لمثابرته عليه الصلاة والسلام على ذلك قال إنه من جنس السنن ومن لم يتأكد عنده هذا الندب قال إن ذلك من جنس المندوب المستحب وهؤلاء غسل اليد عندهم بهذه الحال إذا تيقنت طهارتها: أعني من يقول إن ذلك سنة من يقول إنه ندب ومن لم يفهم من هؤلاء من هذا

الصفحة 9