كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 1)

على الفعل لمشابهته له وتضمنه معناه بدليل عمله عمله، فـ "زيد ضارب" في معنى زيد يضرب، ولاشك أن الفعل فيه ضمير هو فاعله، فكذلك ضارب وما أشبهه، بخلاف الأخ ونحوه، فإنه لا معنى للفعل فيه ولا مشابهة بدليل أنه لا يعمل عمله البتة، ولم نحكم على أسد أنه يتحمل ضميرا في: زيد أسد إلا بعد أن رأينا العرب عاملته معاملة الفعل، فرفعت به الظاهر حين قالت: مررت برجل أسد أبوه، كما قالت: ضارب أبوه، ولولا ذلك لم ندع أنها تتحمل ضميرا البتة، فالكوفيون متفرقون إلى سماع من العرب يبين أن الجامد المحض يتحمل الضمير، وذلك بأن يجدوا مثل مررت برجل أخ أبوه، وصاحبك أخوه، ومررت برجل أبي عبد الله غلامه، وهذا غير جائز البتة، فكذلك لا يجوز رفعه للمضمر، وأيضا لو تحمل ضميرا لكان من جملة العوامل التي ترفع وتنصب، ويتعلق بها الظرف والمجرور، وليس الأمر كذلك، فدل على خلاف ما ذهبوا إليه.
وإن كان المفرد الواقع خبرا مشتقا فلابد فيه من الضمير يعود على المبتدأ وذلك قوله: (وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن) أي: وإن يكن مشتقا فهو متحمل لضمير مستتر فيه، ولم يبين حكم هذا الضمير أهو لضرورة الربط بين الخبر والمبتدأ، أم لأجل اشتقاقه؟ إذ من الضرورة الصفات المشتقة جريانها مجرى فعلها الموافق لها في المادة، والربط حاصل بغير ذلك، لأن الثاني هو الأول فلم يحتج إلى رابط، كما لم يحتج إليه في الخبر الجامد، والاحتمال الأول هو الذي يظهر من أكثر المتأخرين، والثاني هو

الصفحة 646